أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستوقف تقديم المساعدات والدعم لجنوب أفريقيا، وذلك استجابة لتهديده الذي يهدف إلى معارضة قانون يعتبره تمييزيًا ضد المزارعين البيض.
وأشار ترامب، في تصريح له في شباط/ فبراير الماضي، إلى أنه أصدر أمرًا تنفيذيًا بتعليق أي تمويل إلى حين وقف الحكومة الجنوب أفريقية لممارساتها التي وصفها بالظالمة وغير الأخلاقية.
ووقع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على توجيه ينفذ فورًا القرار 14204، مطالبًا جميع الوكالات والمكاتب والبعثات الأمريكية بوقف كافة الالتزامات أو صرف المساعدات لجنوب أفريقيا.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإن روبيو منح مدير مكتب المساعدات الخارجية، بيتر ماروكو، السلطة لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لمتابعة برامج محددة للمساعدات، لكنه استثنى فقط برنامج مكافحة الإيدز "بيبفار"، الذي تدعمه واشنطن ويقدم العلاج لملايين المصابين في جنوب أفريقيا.
وأفاد خالد عبد الرحمن، الكاتب والمحلل المهتم بالشأن الأفريقي، أنه قبل التصعيد الأخير، كانت هناك فرصة سانحة أمام جنوب أفريقيا والولايات المتحدة لتحسين علاقاتهما الاقتصادية من خلال تعزيز التعاون في مجال إنتاج الغاز، حيث تحتل جنوب إفريقيا المرتبة الثلاثين عالميًا في هذا القطاع الحيوي، وأيضًا في مجال المعادن الثمينة التي يبحث ترامب باستمرار عن فرص واتفاقيات تمنحه استثمارًا فيها مقابل تقديم دعم لوجستي وتنموي لجنوب أفريقيا.
ونوّه عبد الرحمن في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى وجود توقعات بإمكانية وجود احتياطيات كبيرة من الغاز في المياه الإقليمية لجنوب أفريقيا، الواقعة في المحيط الهندي، مما يعزز من أهمية التعاون بين البلدين مستقبليًا لتحقيق المنفعة الاقتصادية المشتركة.
كما أشار إلى أن استغلال هذه الموارد الطبيعية يمكن أن يسهم في تعزيز الأمن الطاقي لكلا البلدين وفتح مجالات جديدة لتحسين العلاقات الثنائية بينهما في ظل الظروف الحالية.
وقال إن هذه الديناميكيات تُظهر أن إدارة ترامب تهتم بمصالحها الاقتصادية المباشرة، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية تسوية الأوضاع قريبًا وتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، بينما قد تستمر الضغوط إذا لم تتحقق هذه المصالح، مما يجعل الساحة الأفريقية مسرحًا لتقلبات سياسية واقتصادية جديدة.
من جانبه، أشار الباحث والأكاديمي المختص بالشأن الأفريقي، منتصر كمال إلى أن سياسات ترامب تجاه أفريقيا دخلت مرحلة جديدة، تحديدًا في جنوب أفريقيا، حيث يسعى إلى فرض خيارات صارمة لتحقيق مكاسب اقتصادية مباشرة لشخصيات في إدارته، مثل وزير الكفاءة الحكومية، إيلون ماسك.
وأوضح كمال لـ"إرم نيوز"، أن من بين هؤلاء النافذين ديفيد ساكس، المختص في مجال الذكاء الاصطناعي، والملياردير بيتر ثيل، أحد أبرز داعمي ترامب، بالإضافة إلى جول بولاك، الذي كان مرجحًا تعيينه سفيرًا في بريتوريا.
وشدد كمال على أن هذه السياسات تعكس أسلوب الابتزاز الممارَس على حكومة جنوب أفريقيا، بقيادة حزب المؤتمر الوطني، مما يؤدي إلى تصاعد التوترات ويؤثر على الديناميات السياسية والاقتصادية في المنطقة بأكملها.
وتُعتبر مسألة الأراضي في جنوب أفريقيا قضية مثيرة للجدل، حيث تحظى الجهود الرامية لمعالجة الفوارق الناتجة عن نظام الفصل العنصري بانتقادات من قبل المحافظين، بما في ذلك إيلون ماسك، الملياردير الجنوب إفريقي، الذي يُعتبر من أقرب مستشاري ترامب.