أكسيوس: ترامب سيزور السعودية منتصف مايو في أول زيارة خارجية
اعتبر خبراء سياسيون أن تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون حول إمكانية اللجوء إلى الاقتراض لتمويل النفقات العسكرية تعيد إلى الواجهة استراتيجية قديمة لطالما اعتمدتها فرنسا في أوقات الأزمات.
وقال جان مارك بيلونيه، الخبير في الشؤون الاقتصادية والدفاعية في مركز "IFRI"، إن الاقتراض العسكري سلاح ذو حدين، إذ يمنح الدولة هامشًا ماليًا سريعًا لتعزيز قدراتها الدفاعية، لكنه يحمل في طياته مخاطر اقتصادية كبيرة.
وأضاف بيلونيه لـ"إرم نيوز": "في الماضي، استخدمت فرنسا هذا الأسلوب مرات عدة، سواء خلال الثورة الفرنسية أو عقب هزيمتها في 1871 أمام بروسيا، ثم بشكل واسع خلال الحربين العالميتين".
وتابع: "لكن السياق اليوم مختلف تمامًا. في ظل عجز عام متزايد، فإن أي اقتراض إضافي قد يثير قلق الأسواق المالية ويؤثر على تصنيف الديون الفرنسية".
من جانبه، قال وتوماس جوتييه، المتخصص في المالية العامة في "Fondation Jean Jaurès"، لـ"إرم نيوز" إن اللجوء إلى التمويل المشترك على مستوى الاتحاد الأوروبي قد يكون حلًا أكثر استدامة، لكنه يتطلب توافقًا سياسيًا صعب المنال، لا سيما مع مواقف الدول الأكثر تحفظًا في الإنفاق العسكري، مثل ألمانيا.
وأضاف جوتييه أن هذا التوجه يثير تساؤلات حول استدامة النموذج المالي الفرنسي وتأثيره على الأمن الأوروبي.
ورأى أن ماكرون قد يستخدم هذا الاقتراض كأداة سياسية بقدر ما هي اقتصادية.
وأوضح أن "الرهان ليس فقط على تمويل الدفاع، بل أيضًا على تقديم فرنسا كقوة رائدة في تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية.
وتابع أن "ماكرون يسعى إلى فرض رؤيته حول استقلالية أوروبا العسكرية عن الولايات المتحدة، وهذا يتطلب استثمارات ضخمة، لا يمكن تحقيقها من خلال الضرائب وحدها".
ويحذر جوتييه من أن مقارنة هذا الاقتراض بالتجارب السابقة قد تكون مضللة، مشددًا على أن الاقتصاد الفرنسي الحديث مختلف تمامًا عن اقتصاد ما بعد الحربين العالميتين، حيث كانت أوروبا تعتمد على إعادة الإعمار وتحظى بدعم اقتصادي أمريكي كبير.
وبينما يعيد ماكرون إحياء استراتيجية قديمة، يبقى السؤال الأساسي: هل يمكن لفرنسا أن تتحمل ديونًا عسكرية إضافية دون المساس باستقرارها المالي؟
وخلال إجاباته على وسائل التواصل الاجتماعي، تطرق الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إمكانية اللجوء إلى الاقتراض لتمويل النفقات العسكرية، سواء على المستوى الوطني أو الأوروبي.
وإذا تحقق هذا السيناريو، فلن تكون هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها فرنسا إلى مثل هذا الحل.
فقد سبق أن استخدمت هذه الوسيلة خلال الحقبة الثورية عام 1793 لتمويل المجهود الحربي في ظل إعلان البلاد في حالة خطر، ثم مرة أخرى لدفع تعويض الحرب البالغ 5 مليارات فرنك ذهبي، الذي فرضه البروسيون المنتصرون عام 1871.
لكن الحرب التي شهدت أكبر لجوء للاقتراض كانت الحرب العالمية الأولى، بدءًا من عام 1914، في وقت لم تكن فيه ضريبة الدخل، التي أُقرت مبدئيًا عام 1913، قد دخلت حيز التنفيذ بعد.
ونظرًا لأن الإيرادات الضريبية كانت تعتمد إلى حد كبير على الضرائب الاستهلاكية ورسوم الشراء، لم يكن بإمكان الحكومة التعويل على فرض ضرائب مباشرة تثقل كاهل السكان الذين كانوا بالفعل تحت ضغط اقتصادي شديد. وهكذا، لم يتم تنفيذ ضريبة الدخل بشكل عملي تقريبًا.
وبدلاً من فرض الضرائب (التي مثلت 15 % فقط من الإيرادات)، فضّلت الحكومة الاعتماد على الاقتراض، الذي شكّل 85٪ من تمويل الحرب، واتخذ عدة أشكال.
فبفضل الثقة التي حظيت بها الدولة لدى المستثمرين، تمكن بنك فرنسا من تقديم عدة مليارات من الفرنكات مقابل سندات الخزينة. وسرعان ما تلا ذلك إصدار "سندات الدفاع الوطني" في خريف عام 1914، التي كانت تُستحق خلال فترة تتراوح بين 3 أشهر وسنة، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.
ووفقًا للمؤرخ هانس-بيتر أولمان، شكلت قروض الحرب الأربعة حوالي 20 % من إجمالي المبالغ التي جمعتها الحكومة خلال الصراع، أي نصف ما تم تحصيله عبر سندات وأذون الخزينة قصيرة ومتوسطة الأجل، لكنها كانت أعلى من القروض المباشرة من بنك فرنسا (13 %) وأقل من الديون الخارجية (25 %)، التي تم اقتراضها أولاً من المملكة المتحدة ثم من الولايات المتحدة.