وكالة: روسيا وأمريكا ستجريان محادثات بمشاركة الأمم المتحدة

logo
العالم

من بطل إلى ديكتاتور.. كيف تغيرت صورة زيلينسكي في واشنطن؟

من بطل إلى ديكتاتور.. كيف تغيرت صورة زيلينسكي في واشنطن؟
دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكيالمصدر: رويترز
21 فبراير 2025، 7:40 ص

بكل تأكيد، ليست هذه هي أفضل حالة يمكن أن تكون عليها العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خاصة في هذا التوقيت الحساس الذي يتقاطع فيه عدد من المنعطفات المهمة في العلاقة الأمريكية الأوكرانية من جهة، والعلاقات الأمريكية الأوروبية من جهة أخرى.

أول هذه المنعطفات هو الموجة العارمة من الخلافات العلنية وغير المسبوقة بين ضفتي الأطلسي، والتي لم تحدث منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

هذه الخلافات تزامنت مع حلول الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى بدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين الروسي والأمريكي في العاصمة السعودية الرياض، وهي مفاوضات تهدف إلى إطلاق عملية سياسية لإنهاء الحرب بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاعها.

أما المنعطف السياسي فيتمثل في الزيارة الأولى التي يقوم بها المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى العاصمة كييف، حيث يلتقي الرئيس زيلينسكي بعد جولة من المحادثات مع كبار معاونيه، في محاولة لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين كييف وواشنطن.

هذا التغيير يأتي بعد سنوات من التحالف الذي بدا مقدسًا من الطرفين، إلى أن حدث التحول الكبير في البيت الأبيض، وفشل الديمقراطيين في الحفاظ على الرئاسة، مما مهد لعودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد نتائج انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

يتراجع سقف التوقعات بين المقربين من إدارة الرئيس ترامب بشأن نتائج اللقاء الثاني من نوعه لمسؤول أمريكي رفيع مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد اللقاء الذي جمع الأخير بنائب الرئيس جي جي فانس خلال قمة مؤتمر الأمن في ميونيخ الألمانية.

أخبار ذات علاقة

روبيو: لقاء ترامب وبوتين يعتمد على التقدم بمفاوضات أوكرانيا

 ويؤكد المقربون من الإدارة الحالية أن المسافة ما زالت شاسعة بين وجهات النظر التي تقدمها إدارة ترامب ورؤية الرئيس الأوكراني بشأن العملية السياسية لإنهاء الحرب. فهناك استبعاد للجانب الأوكراني من طاولة المفاوضات، إضافة إلى غياب أي ضمانات أمنية يمكن أن تُقدّم لكييف قبل بدء أي عملية سياسية في هذا الاتجاه.

"تغير المعادلة"

غداة بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في شتاء 2022، وبعد فترة قصيرة، زار الرئيس الأوكراني العاصمة واشنطن حيث استُقبل استقبال الأبطال بين كبار رموزها من ديمقراطيين وجمهوريين وفي أعلى مؤسساتها الرسمية. حظي بهذا الترحيب الذي لم يُمنح سوى لقادة وحلفاء تاريخيين للولايات المتحدة، من بينهم تشرشل.

وصل زيلينسكي إلى واشنطن في تلك الفترة بشكل مختلف تماماً، حيث قدّم نفسه برفقة سيدة أوكرانيا الأولى مرتدياً بزة عسكرية بدلاً من بدلة رسمية. ألقى خطاباً في الكونغرس أمام جلسة عامة من نواب الغرفتين والحزبين، وفي نهايته قدّم علم أوكرانيا موقعاً من قبل مقاتلين أوكرانيين لرئيسة المجلس آنذاك نانسي بيلوسي. وكان هذا الحدث واحداً من حالات الإجماع اللافتة في واشنطن، حيث شهدت البلاد توافقاً تاريخياً بين الحزبين في قضية وطنية أو دولية.

في تلك الفترة، حصل زيلينسكي على كل الدعم الذي كان يريده من واشنطن، سواء في صورة معدات عسكرية، أو أموال لدعم الميزانية، أو دعم دولي تمثل في تحالف تاريخي مكون من خمسين دولة، أطلقه الرئيس السابق بايدن لصالح أوكرانيا.

أخبار ذات علاقة

ترامب: زيلينسكي "دكتاتور بلا انتخابات" والحرب لن تتوقف دون واشنطن

 لكن صورة البطل هذه التي رافقت زيلينسكي تراجعت مع بداية أيام الإدارة الحالية، لتحل مكانها صورة "الديكتاتور" الذي يستمر في السلطة دون انتخابات، كما يصفه الرئيس ترامب ومساعدوه، حول مسألة الشرعية التي أصبحت الأزمة الأولى التي يواجهها زيلينسكي في علاقته بالإدارة الجديدة.

رؤية مختلفة

في الأسابيع الأربعة الأولى له في البيت الأبيض، قدّم الرئيس  ترامب وجهة نظر تتناقض تماماً مع الرؤية التي كان يقدمها سلفه خلال السنوات الثلاث الأخيرة فيما يتعلق باستراتيجية الحرب في أوكرانيا وأمن الولايات المتحدة وأوروبا والعالم. لم يخف ترامب قناعته بأن الحرب في أوكرانيا لم تكن ضرورية، بل وأكد أنه لو كان في البيت الأبيض حينها، لما كانت الحرب قد حدثت أساساً.

ما لفت الأنظار في تصريحات ترامب الأخيرة هو تحميله الرئيس الأوكراني المسؤولية عن الحرب. أكثر من ذلك، هذه المسؤولية لا تقتصر على الماضي فحسب، بل تمتد إلى المستقبل أيضاً، حيث يقول إن الوقت يضيق أمام زيلينسكي، وأنه إذا لم يتحرك بسرعة كافية، سيفقد المزيد من الأوراق في إدارة الحرب لصالح الجانب الروسي. بل إن ترامب لا يستبعد أن تصبح أوكرانيا يوماً ما جزءاً من روسيا بالكامل.

ومنذ انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات الأمريكية الروسية في الرياض، بدأت تظهر حالة من السجال المتبادل بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي، حيث تبادل الطرفان الشتائم والتصريحات المضادة في سلسلة من التفاعلات المتوترة.

أخبار ذات علاقة

زيلينسكي يسعى لاتفاق "سريع وبنّاء" مع أمريكا

 رفض الرئيس الأوكراني وقتها القبول بأي نتائج قد تترتب على حوار أمريكي روسي يتم من خلاله استبعاد أوكرانيا من المفاوضات. وامتدت الأزمة لتشمل موقفًا أوروبيًا قريبًا من هذا الموقف. في المقابل، يرى الرئيس ترامب أن زيلينسكي كان أمامه وقت كافٍ لاتخاذ القرارات الصحيحة، لكنه لم يفعل، ما أدى إلى خسارة بلاده للكثير من الأراضي ودمار كبير في المدن الأوكرانية، وهو أمر يرفضه الجانب الأوكراني كما يتردد في تصريحات مسؤوليه.

أثار الرئيس ترامب القلق في الأوساط الأوكرانية والأوروبية عندما أكد أن أوراق الحرب في أوكرانيا أصبحت في يد روسيا في الوقت الحالي، وهو ما فهمه الشركاء الأوروبيون على أنه يعني أن التسويات المحتملة ستكون في صالح روسيا على حساب الموقف الأوكراني والأوروبي.

وفي خطوة متوقعة، قرر زيلينسكي تأجيل زيارته المرتقبة إلى العاصمة السعودية إلى وقت لاحق، وهي الزيارة التي كانت من المفترض أن تتم مباشرة بعد انتهاء جولة المحادثات الروسية الأمريكية. كما أن الحديث عن زيارته المرتقبة إلى واشنطن لم يعد مطروحًا.

"مندوب مبيعات"

لا يتردد الرئيس ترامب في القول في كل مناسبة إن الرئيس الأوكراني هو "أفضل مندوب مبيعات في العالم"، لأنه في كل زيارة يقوم بها إلى واشنطن خلال الإدارة السابقة كان يحصل على معونات تصل إلى ستين مليار دولار قبل أن يعود إلى بلاده. وهو ما يعيبه ترامب على سلفه جو بايدن.

يدعو ترامب إلى ضرورة وجود مقابل وتأمين للدعم الأمريكي المقدم لأوكرانيا. وفي وقت قريب، ظهرت إشارات إلى أن الأوكرانيين لا يمانعون في وضع جزء من مخزون بلادهم من المعادن الثمينة تحت تصرف الولايات المتحدة، إذا كان ذلك ضامنًا لاستمرار المساعدات الأمريكية في حربهم ضد روسيا.

في وقت سابق، قال ترامب شخصيًا إن مسؤولي كييف يرغبون في التوصل إلى اتفاق في هذا الاتجاه، ولكن التطورات الأخيرة أظهرت أن وجهات النظر المتباينة بين الطرفين لا تكفي للتوصل إلى صيغة اتفاق مشتركة بشأن الإبقاء على الدعم الأمريكي أو إنهائه بالكامل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات