إعلام حوثي: الطيران الأمريكي نفذ 18 غارة على عدة محافظات يمنية
تواجه فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة مع تعمق الانقسامات داخل النظام السياسي، ما دفع العديد من المراقبين إلى التساؤل، فيما إذا كانت البلاد تسير على خطى اليونان، التي شهدت أزمة مالية وسياسية خانقة في العقد الماضي.
ورغم ذلك، يرى بعض المحللين أن فرنسا، بفضل مكانتها الاقتصادية ودورها المحوري في الاتحاد الأوروبي، لا تزال قادرة على تجاوز هذه الأزمات شريطة اتخاذ قرارات سياسية جريئة لتعزيز الاستقرار الداخلي.
تصعيد الأزمة بعد تفعيل المادة 49.3
وفي خطوة تصعيدية، لجأ رئيس الوزراء ميشيل بارنييه يوم الاثنين إلى تفعيل المادة 49.3 من الدستور لتمرير مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي (PLFSS)، مما زاد من تعقيد الأزمة السياسية.
وتأتي هذه الخطوة بعد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون في يونيو/حزيران الماضي بحل الجمعية الوطنية، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين بداية لمأزق سياسي غير مسبوق في البلاد.
وقال المحلل السياسي الفرنسي والخبير في الشؤون الأوروبية، نيكولا تينزر، لـ"إرم نيوز"، إن الأزمة السياسية الحالية تهدد استقرار فرنسا على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن غياب التوافق بين القوى السياسية يعكس ضعف النظام السياسي في مواجهة التحديات.
وأضاف تينزر أن الاستعانة بميشيل بارنييه، رغم خبرته الدبلوماسية، لم تنجح في تهدئة الوضع، ورأى أن الحل يكمن في إعادة بناء المشهد السياسي من خلال إصلاحات دستورية عميقة تضمن تمثيلًا أفضل للأطياف السياسية، وتحقيق استقرار حكومي يسمح بمواجهة التحديات الاقتصادية بفعالية.
وأوضح تينزر أن الوضع الحالي يعكس أزمة هيكلية في النظام السياسي الفرنسي، حيث يظهر الاعتماد المتكرر على المادة 49.3 وحل الجمعية الوطنية عجز السلطة التنفيذية عن التفاوض مع الأحزاب المعارضة.
واعتبر أن ضعف الأغلبية البرلمانية منذ 2022 يجعل فرنسا أكثر عرضة لهزات سياسية طويلة الأمد، مما قد يؤثر على مصداقيتها الاقتصادية.
تحليل دولي لتداعيات الأزمة
بدوره، اعتبر دومينيك مويسي، مستشار في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "الاعتماد المتكرر على المادة 49.3 لتمرير القوانين، وحل الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران الماضي، زاد من هشاشة المشهد السياسي وأدى إلى تعطيل العديد من القرارات الاقتصادية الأساسية".
وأضاف أن هذا الوضع يُثير قلق الشركاء الأوروبيين بشأن استقرار ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، خاصة مع الحديث عن احتمالية عدم تمرير ميزانية 2025 في ظل غياب التوافق السياسي.
وأشار مويسي إلى أنه رغم الفارق الكبير بين الاقتصادين الفرنسي واليوناني من حيث القوة والهيكلة، فإن التحديات السياسية الحالية في فرنسا قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية مشابهة، فاستمرار الأزمة قد يُفقد البلاد ثقة المستثمرين والأسواق المالية، مما يُسهم في زيادة الديون العامة وتراجع الأداء الاقتصادي.
وتراقب الصحافة الدولية الأزمة السياسية المتفاقمة في فرنسا، والتي بلغت ذروتها مع إعلان حل حكومة ميشيل بارنييه، فهذا الوضع، الذي وصفته بعض المنصات الإعلامية بـ "الجمود السياسي"، أثار مخاوف بشأن تأثيراته الاقتصادية والمالية على ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا.
مخاوف من مستقبل سياسي غامض
ووصفت صحيفة "The Times" البريطانية ميشيل بارنييه بأنه "رئيس الوزراء الأضعف في التاريخ الفرنسي الحديث"، رغم إشادتها بخبراته كونه "المفاوض الأوروبي الرئيس في قضية البريكست".
أما صحيفة "Clarin" الأرجنتينية فقد أشادت بكونه "جمهوريًا محافظًا ودبلوماسيًا بارعًا"، في حين اعتبرت صحيفة El Pais الإسبانية أنه "مفاوض متمرس لكنه فشل في تحقيق توافق مع أحزاب المعارضة".
شلل سياسي منذ 2022
تعود صحيفة "Corriere della Sera" الإيطالية بجذور الأزمة إلى عام 2022، حيث فقد تيار ماكرون الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية.
ومنذ ذلك الحين، تدهورت الأوضاع السياسية مع الاعتماد المتكرر على المادة 49.3، بالإضافة إلى قرار ماكرون بحل البرلمان بعد نتائج الانتخابات الأوروبية، مما عزز حالة الانقسام الثلاثي في المشهد السياسي.
ووصفت صحيفة "Corriere" الوضع قائلة: "بعد 50 يومًا بلا حكومة فعلية، قرر ماكرون المراهنة على ميشيل بارنييه، السياسي المخضرم، لكنه يعتمد على الامتناع الإيجابي من كتلة التجمع الوطني اليميني".
وبين التحديات السياسية والاقتصادية، تقف فرنسا عند مفترق طرق. هل تنجح في تجاوز أزمتها الحالية؟ أم أنها ستواجه خطر الغرق في دوامة مشابهة لما حدث في اليونان؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.