صندوق الثروة السيادي الروسي: موسكو وواشنطن بدأتا محادثات بشأن المعادن الأرضية النادرة

logo
في العمق
فيديو

الكونغو.. كيف أصابت لعنة الثأر "كنز المعادن" و"قلب أفريقيا المنهك"؟

04 فبراير 2025، 8:42 ص

في بقعة لا تُسمع فيها إلا أصوات المدافع، يحكمها ماضٍ كتب بلغة الثأر والدم، وحاضر يشتعل بين الحين والآخر بفعل صراعات يغذي الدعم الخارجي نيرانها، هنا دولة بهيبة ضاعت وسط أكثر من 100 جماعة مسلحة تتنافس على أرضها المشبعة بالموارد الطبيعية، هنا الكونغو قلب القارة الأفريقية النابض بأقسى أنواع الصراعات وأشدها والجمهورية الديمقراطية التي لم تنل من الديمقراطية نصيبا. 

الصراع على "أرض المعادن"

"هواتفنا المحمولة باتت ممكنة إلى حد كبير بفضل موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية"، عبارة بسيطة لفولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، تمكن من خلالها من تلخيص الأهمية الكبيرة لدولة تسببت وفرة مواردها المعدنية بعولمة الصراع وسط سباق محموم بين الدول الكبرى للحصول على حصة الأسد من معدن "الكوبالت".

من صناعة بطاريات المركبات، إلى الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وصولا إلى صناعات الطائرات الحربية والمسيرات وحتى الذخائر، قائمة طويلة وبالغة الأهمية يدخل معدن الكوبالت في صناعتها،

أخبار ذات علاقة

لأسباب إنسانية.. إعلان وقف إطلاق النار شرق الكونغو

وهذا ما يعطي أهمية كبرى للكونغو التي تمتلك أكثر من 70% من الكوبالت في العالم وفق تقارير الأمم المتحدة وهو رقم من الطبيعي جدا أن يثير شهية الاقتصادات العالمية للوصول إلى مناجمها.

إلى جانب معدن الكوبالت فغالبا ما يتم استخراج 3TG (القصدير والتنتالوم والتنجستن والذهب) في الكونغو وغالبا ما تسمى"معادن الصراع"، وعلى سبيل المثال قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، قرضا بقيمة 550 مليون دولار لإعادة بناء شبكة السكك الحديدية التي يبلغ طولها 1,300 كيلومتر من لوبيتو إلى الكونغو الديمقراطية لربطها بميناء لوبيتي الأنجولي على المحيط الأطلسي..

وهذا ما يوفر طريقا سريعا وفعالا للصادرات إلى الغرب وسيسمح هذا للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات بنقل المعادن إلى ميناء لوبيتو في أنغولا ثم شحن المعادن من هناك، لكن لا بد من الإشارة إلى التردد الذي لطالما خيّم على الموقف الأمريكي تجاه الكونغو بسبب ما أسمته سوء الإدارة، البنية التحتية الضعيفة والفساد..

أخبار ذات علاقة

"الدبلوماسية الرياضية".. كيف "ستلاحق" الكونغو رواندا بعد معارك غوما؟

 

"كلمة السر" في الصراع

حالة من التوتر المتزايد مرت بها العلاقات بين الكونغو الديمقراطية ورواندا خلال الشهرين الأخيرين تُرجمت على الأرض بتصاعد الصراع في شرق الكونغو فما أسباب هذا الصراع؟ ومن الذي يقوم بتحريكه؟

قبل الخوض في تفاصيل ما يدور الآن بالميدان، في منتصف ديسمبر من عام 2024، وصلت جهود الوساطة التي قادتها أنغولا بين الكونغو ورواندا إلى ما يشبه الطريق المسدود فيما كان لا يزال الوضع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية موضوع مفاوضات دبلوماسية مكثفة لإيجاد صيغة لإحلال السلام وإيقاف المعارك الدائرة على الأرض بين ميليشا "23 إم" المتهمة بتلقي الدعم من رواندا من جهة، والقوات المسلحة الكونغولية من جهة أخرى..

لكن ما حدث لاحقا هو أنّ الوضع في شرق الكونغو اشتعل وباتت التطورات الميدانية تتسارع مع تصاعد حدة المعارك بين الجيش ومسلحي "23 إم" الذين تمكنوا من السيطرة على مناطق في مدينة غوما أكبر مدينة في شرق الكونغو،حيث قتل المئات وأصيب الآلاف ونزح مئات الآلاف من المدينة التي تعد إحدى أكثر المناطق الغنية بالموارد في الكونغو..

وبالتزامن مع ذلك فُتحت جبهة أخرى في العاصمة كينشاسا، فتمت مهاجمة السفارات الأجنبية بينما تعرضت بعض المباني للنهب على يد المتظاهرين الذين أحرقوا العلم الأمريكي وأشعلوا النار في سفارات فرنسا ورواندا وبلجيكا وأوغندا لاتهامها بتأييد المتمردين..

أخبار ذات علاقة

باريس.. مئات الكونغوليين يخرجون في مظاهرة تطالب بوقف الحرب

وبالعودة إلى تاريخ العلاقات المتأزمة بين الكونغو ورواندا، فهو يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وتحديدا عقب مجازر الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا، حيث قُتل مئات الآلاف من قبيلة التوتسي على يد مجموعات متطرفة من قبيلة الهوتو، ويذكر أن الإبادة اندلعت إثر وفاة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، وهو من الهوتو، عندما أُسقطت طائرته فوق مطار كيغالي في 6 أبريل 1994، ليُلقى اللوم على قبيلة التوتسي، وحينها فر قرابة مليوني لاجئ إلى الحدود الكونغولية وبدأت الميليشيات المسلحة من الطرفين بالتكون والتأسيس.. 

ميليشيا إم 23 الموجودة الآن تأسست عام 2012 للدفاع عن مصالح التوتسي بحسب تعبير قادتها الذين يرون الكونغوليين من التوتسي يتعرضون للتمييز في شمال وجنوب مقاطعة كيفو، حيث أظهرت قوتها العسكرية على الأرض واستولت على غوما لفترة قصيرة قبل أن تهزمها قوات الأمم المتحدة وانتهت هذه الجولة من الصراع بهزيمة إم 23 وفرار مقاتليها إلى رواندا وأوغندا عام 2013.

ومع نهاية 2022، عادت للظهور لكن بشكل أقوى وكأنها الجيش التقليدي بحسب وصف بينتو كيتا الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إذ يقول مجلس الأمن الدولي إنها تتلقى  إمدادات عسكرية عامة من قوات الدفاع الرواندية وإنها تورطت وارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الدولي في سياق النزاع المسلح داخل الكونغو، في وقت تنفي فيه رواندا تلك الاتهامات، وتشهد الكونغو على انتهاكات جميع إعلانات اتفاقات وقف إطلاق النار والهدنة منذ بدء النزاعات قبل حوالي 30 عاما

أخبار ذات علاقة

الكونغو الديمقراطية.. هجوم متمردي "إم 23" يتوقف والجيش يسيطر

 

اليد الخفية

ما يدور على أرض الكونغو يفرض الكثير من الأسئلة، خاصة بالنظر إلى الانقلاب الفاشل الذي حدث العام الماضي، عندما سيطر مسلحون لفترة وجيزة على مكتب تابع للرئاسة بالعاصمة كينشاسا في 19 مايو، قبل أن تطيح قوات الأمن بقائدهم كريستيان مالانجا السياسي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة..

وبعدها بعدة أشهر أصدرت محكمة عسكرية حكما بالإعدام على 3 مواطنين أمريكيين من بين 37 متهما آخرين بتهمة الضلوع في محاولة انقلاب بقيادة أحد السياسيين، ولم تمر أشهر قليلة حتى بدأت التوترات تتصاعد بوتيرة متسارعة على الحدود، فعدوى عدم الاستقرار انتقلت إلى البلدان المجاورة أيضا؛ الأمر الذي أدى إلى تأجيج التوترات الإقليمية في بؤرة لصراع تختلط فيه الأوراق السياسية والاقتصادية والعرقية العابرة للحدود.. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات