logo
العالم

لكبح اليمين المتطرف.. انسحاب أكثر من 200 مرشح لانتخابات فرنسا

لكبح اليمين المتطرف.. انسحاب أكثر من 200 مرشح لانتخابات فرنسا
غابرييل أتال بين أنصاره خلال جولة وسط فرنساالمصدر: أ ف ب
03 يوليو 2024، 3:09 ص

ارتسمت، الثلاثاء، في فرنسا معالم المعركة، قبل الدورة الثانية للانتخابات التشريعية مع انسحاب أكثر من 210 مرشحين من اليسار أو معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون لصالح خصومهم.

تأتي تلك الخطوة بهدف قطع الطريق أمام حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف ومنعه من الحصول على الأغلبية المطلقة، الأحد.

وينتهي تقديم الترشيحات رسمياً في الساعة (16,00 ت غ) وسيعطي صورة أوضح للدورة الثانية من الانتخابات التاريخية الناجمة عن حل الرئيس إيمانويل ماكرون المفاجئ للجمعية الوطنية في 9 حزيران/يونيو.

وكان معظم المرشحين من اليسار (127) أو من معسكر ماكرون (81) ووصلوا في المركز الثالث من الدورة الأولى في دائرة كان حزب "الجبهة الوطنية" في الطليعة فيها خلال الدورة الأولى، وفق "فرانس برس".

وإجمالاً، مع أكثر من 210 عملية انسحاب سجلتها وكالة "فرانس برس"، لم يبق سوى حوالي 100 مرشح (ثلاثة أو أربعة مرشحين مؤهلين) من أصل 311 مرشح كانوا حتى الأحد الماضي.

وفي كثير من الأحيان تهدف هذه الانسحابات إلى منع حزب "التجمع الوطني" وحلفائه من تشكيل حكومة ستكون تاريخية، إذ لم يصل اليمين المتطرف إلى السلطة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد 3 أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه ماكرون بإعلانه حلّ "الجمعية الوطنية"، صوّت الفرنسيون بكثافة، الأحد، في الجولة الأولى من الانتخابات التي تثير نتائجها ترقبًا كبيرًا في الخارج.

وحلّ التجمّع الوطني (يمين متطرف) وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33,14% من الأصوات (10,6 مليون صوت). وانتُخب 39 نائباً عن هذا الحزب في الجولة الأولى.

وبذلك، تقدّم على "الجبهة الشعبية الجديدة" التي تضم اليسار (27,99%)، فيما جاء معسكر ماكرون في المرتبة الثالثة بفارق كبير (20,8%).

وطالب اليمين المتطرّف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية. وقال رئيسه الشاب جولادان بارديلا إن الجولة الثانية ستكون "واحدة من الأكثر حسماً في مجمل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة" التي تأسست في العام 1958.

رئيس ضعيف

دان رئيس حزب "التجمع الوطني" جوردان بارديلا (28 عاماً) ما وصفها بـ "تحالفات العار".

ودعا الناخبين إلى منحه الأغلبية المطلقة للوصول الى السلطة "في مواجهة التهديد الوجودي للأمة الفرنسية" الذي يمثله اليسار.  

من جهتها، أشارت زعيمة اليمين المتطرّف الفرنسي مارين لوبان، الثلاثاء، الى إمكانية تشكيل حكومة بأغلبية نسبية تبلغ 270 نائباً، بدعم "على سبيل المثال من بعض اليمين وبعض اليسار وعدد من الجمهوريين (يمين)".

وأكد ماكرون الذي فتح الباب أمام موجة اليمين المتطرف من خلال الدعوة إلى هذه الانتخابات المبكرة، لوزرائه، الاثنين، إنه لا ينبغي أن يذهب "صوت واحد" إلى "التجمع الوطني".

لكن يبدو أن صوت الرئيس الفرنسي، الذي لم يتحدث علناً منذ إعلان في بروكسل، الخميس، ورسالة نُشرت، الأحد، لم يعد لديه صدى في معسكره الذي يحمله مسؤولية الفشل الذريع في الدورة الأولى وتراجع إلى المركز الثالث بعد "التجمع الوطني" واليسار.

وقال رئيس الوزراء غابرييل أتال: "أنا زعيم الأغلبية، وأنا من يقود هذه الحملة وكلمتي هي الأهم".

وترأس لوبان كتلة نواب "التجمع الوطني" في البرلمان الفرنسي كما انتُخبت من الجولة الأولى في الشمال.

وأسّس والدها جان-ماري لوبان في العام 1972 مع عنصرين سابقين في قوات الأمن الخاصة النازية، "الجبهة الوطنية" التي أطلق عليها اسم "التجمع الوطني" في العام 2018. 

وأُدين لوبان الذي كان يركز خطابه على الهجرة واليهود، عدّة مرّات بسبب تجاوزاته، وخصوصاً بعد أن وصف غرف الغاز بأنّها "مجرد تفصيل في التاريخ".

وانسحبت المرشحة عن حزب "التجمع الوطني" لوديفين داودي، الثلاثاء، بعدما نُشرت لها صورة تضع فيها قبعة للجيش النازي، على ما قال مسؤول محلي لإذاعة "فرانس بلو".

عدة سيناريوهات

وفي ظل حيرة وغموض على كل الجبهات، هناك عدة سيناريوهات مطروحة.

ومع تراجع احتمال قيام "الجبهة الجمهورية" التي كانت تتشكل تقليدياً في الماضي بمواجهة "التجمّع الوطني" في فرنسا، بات من المطروح أن يحصل حزب جوردان بارديلا ومارين لوبان على أغلبية نسبية قوية أو حتى أغلبية مطلقة، الأحد المقبل.

غير أن سيناريو قيام جمعية وطنية معطّلة بدون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية، يبقى ماثلاً أيضاً، وهو سيناريو من شأنه أن يغرق فرنسا في المجهول.  

في مطلق الأحوال، خسر ماكرون رهانه على حلّ "الجمعية الوطنية" بعد هزيمة كتلته في الانتخابات الأوروبية التي جرت في التاسع من حزيران/يونيو.

ومن المحتمل أن تُنتج الانتخابات التشريعية تعايشاً غير مسبوق بين رئيس مناصر للاتحاد الأوروبي وحكومة معادية له، الأمر الذي يمكن أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسي السلطة التنفيذية، وخصوصاً في مسائل الدبلوماسية والدفاع.

وفي السياق، حذر رئيس الحكومة غابريال أتال من أن "اليمين المتطرف بات على أبواب السلطة"، داعياً إلى "منع التجمّع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة".

كذلك، أكد العضو اليساري في البرلمان الأوروبي رفاييل غلوكسمان، الأحد، أن "أمامنا سبعة أيام لتجنّب كارثة في فرنسا"، داعياً إلى انسحاب جميع المرشحين الذين حلّوا في المرتبة الثالثة.

الأحمق المفيد

لكنّ حليفه حزب "فرنسا الأبيّة" يرى أن هذه القاعدة لن تُطبّق إلا في الدوائر التي حلّ فيها مرشحو "التجمع الوطني" في المرتبة الأولى بحسب رئيس كتلة اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

أما في المعسكر الرئاسي، فالخط لا يزال غير واضح. ففي اجتماع لحكومته، الاثنين، لم يصدر ماكرون تعليمات واضحة، حسبما أفادت عدة مصادر وزارية.

لكنّ أحد المشاركين في الاجتماع قال إن الرئيس أكد على ضرورة "عدم ذهاب أي صوت لليمين المتطرّف" وذكّر بأن اليسار دعمه مرّتين في 2017 ثمّ في 2022 ليصبح رئيسًا.

وأعلن العديد من مرشحي معسكره بقاءهم في الجولة الثانية. 

لكن تُبدي أغلبية المرشحين المنسحبين تردداً حين يتعلّق الأمر بدعم مرشحي "فرنسا الأبية" خصوصًا أن حزب ميلانشون متهم بمعاداة السامية. 

ووصفه مسؤول نقابي بارز بأنه "الأحمق المفيد لجميع أولئك الذين لا يريدون التنحي".

وتراقب العديد من العواصم الأزمة السياسية في فرنسا.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن "ألمانيا وفرنسا تتحملان مسؤولية خاصة تجاه أوروبا المشتركة ... ولا يمكن لأحد أن يظل غير مبال".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن نتائج الجولة الأولى من هذه الانتخابات تعكس "اتجاهًا خطيرًا" تسلكه فرنسا وأوروبا.

وأعلنت موسكو أنها تتابع "من كثب الانتخابات في فرنسا"، فيما أكدت واشنطن أنها "تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الحكومة الفرنسية حول مجمل أولويات السياسة الخارجية".

وأشاد آخرون بالنتيجة التي حققها اليمين المتطرف الفرنسي، على غرار رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي اعتبرت أن "شيطنة" اليمين المتطرف لم تعد مجدية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC