حرب التصريحات بين "العدالة" و"الأحرار".. حملة انتخابية "مبكرة" في المغرب

رأى محللون أن "حرب التصريحات" الجارية في الساحة السياسية المغربية بين حزبي "التجمع الوطني للأحرار" قائد الائتلاف الحكومي و"العدالة والتنمية" (معارض)؛ بمثابة حملة انتخابية سابقة لأوانها استعدادًا لاستحقاقات 2026. 

واستعرت الحرب الكلامية بين الحزبين خلال الأيام الماضية، إذ اتخذ كل حزب من التجمعات التي ينظمها ساحة للدفاع عن حصيلته وتوجيه انتقادات لاذعة للطرف الآخر.

وتبادل الطرفان سيلاً من الاتهامات والاتهامات المضادة، حيث وجّه زعيم "إخوان" المغرب، عبد الإله بنكيران، انتقادات لاذعة للائتلاف الحكومي بقيادة حزب "التجمع الوطني للأحرار"، وهو ما رأى فيه التجمع "ممارسة للسب والقذف في السياسة".

تحسين التمَوقع

ورأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، سعد ناصر، أن المناكفات السياسية التي جرت مؤخراً بين حزبي "العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار" تأتي في سياق رغبة كل منهما في تحسين تموضعه ضمن الخريطة السياسية والحزبية بالبلاد.

وأضاف ناصر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن كلاً منهما يريد تحسين صورته جراء ما لحقه من أحداث.

وأشار إلى أن حزب "الأحرار" وبما أنه يقود الحكومة؛ تضرر ولا يزال بفعل الارتفاع المهول في أسعار المواد الاستهلاكية، أما حزب "العدالة والتنمية" فيرغب في لملمة جراحه جراء نكسة الانتخابات العامة 2021 التي تقهقر في ترتيبها إلى مراكز متأخرة، وفقد جراءها تموضعه السياسي البرلماني والمحلي على حد سواء.

واستطرد المحلل السياسي بأن "الحرب الكلامية القوية بين الحزبين تأتي في سياق حملة انتخابية مبكرة وتسخينية من الآن، وما منحها هذه النفحة الانتخابية تزامنها مع انتخابات جزئية جمعتهما معا في إحدى أصعب الدوائر الانتخابية بالمملكة، وتحديدا بدائرة المحيط بالعاصمة الرباط".

وبهذه الخرجات السياسية الأخيرة – يردف المتحدث - يكون هذان الحزبان أعلنا أنفسهما من الآن غريمين سياسيين في المحطة الانتخابية المقبلة، وإن كان ذلك لا يمنع إمكانية عقد تحالفات محلية أو برلمانية أو حكومية في تجارب مستقبلية لاحقة، بالنظر إلى منطق السياسة التي لا تؤمن بالصداقة ولا بالخصومة الدائمتين، وإنما بالمصلحة الدائمة.

وزاد الكاتب الصحفي "لعل ما يبرر ذلك تلك التجارب التحالفية السابقة لما بعد انتخابات 2011 في المغرب".

هاجس انتخابي

من جهته، اعتبر الباحث والمحلل السياسي الدكتور إدريس الكنبوري، أن جميع الأحزاب المغربية خاصة النافذة منها هي دائماً في حملة انتخابية سابقة لأوانها، خاصة بعد تموْقع حزب "العدالة والتنمية" في صفوف المعارضة.

وأضاف الكنبوري في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن حزب "العدالة والتنمية" هو الخصم الأول للأحزاب النافذة، مشيراً إلى أن بعض الأحزاب ترى أن إقناع الرأي العام بشأن بعض الملفات يمُر عبر اتهام أحزاب أخرى.

وشدد المتحدث على أن الهاجس الانتخابي حاضر بقوة في ذهنية الأحزاب خلال هذه المرحلة، منتقداً الحرب الكلامية بين حزبي "العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار".

ويعتقد الباحث المغربي، أن بعض الأحزاب تقوم بتصريف مشاكلها الداخلية عبر الصراع مع كيانات سياسية منافسة. 

صراع على النفوذ 

بدوره، قال المحلل السياسي، عبدالفتاح الحيداوي، إن الصراع القائم بين حزبي "التجمع الوطني للأحرار" و"العدالة والتنمية" قد يكون بالفعل نوعاً من الحملات الانتخابية السابقة لأوانها، خاصة إذا نظرنا إلى السياق السياسي الذي تعيشه البلاد.

وأضاف الحيداوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الاتهامات المتبادلة بين الحزبين تعكس الصراع الدائر في الساحة السياسية المغربية على النفوذ السياسي والشعبي.

ويعتقد المحلل السياسي أن مثل هذه المواجهات "قد تكون محاولة لإبقاء الأحزاب في الواجهة، لاستقطاب الناخبين حتى خارج فترة الانتخابات الرسمية"، مبيناً أنها شكل من أشكال التمهيد للانتخابات المقبلة ومحاولة لكسب دعم شعبي.

وأشار الحيداوي إلى أن المغرب يشهد انتخابات جزئية منتظمة قد تدفع الأحزاب إلى تبنّي إستراتيجيات طويلة الأمد للتأثير في الرأي العام.