أكد محللون سياسيون لـ"إرم نيوز"، أن إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان وانتخاب رئيس جديد للبلاد بات أقرب من أي وقت مضى، خاصة بعد وقف إطلاق النار بين بيروت وتل أبيب، في أعقاب الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على ميليشيا حزب الله.
وأوضح المحللون أن القوى السياسية والطوائف اللبنانية بدأت العمل على طرح أسماء مرشحين لمنصب رئيس الجمهورية أمام البرلمان، وهو الجهة المعنية بانتخاب رئيس جديد يتم اختياره من الطائفة المارونية، وفقًا لميثاق العيش المشترك.
ويؤكد خبراء أن القوى السياسية أمام مسؤولية تاريخية بعد الحرب الأخيرة لاختيار رئيس جديد، للتعامل مع التحديات الكبرى مثل تعزيز سيادة الدولة ومؤسساتها، ومعالجة الأزمات الاقتصادية التي تفاقمت، بما في ذلك إعادة إعمار المناطق المتضررة، وعلى رأسها العاصمة بيروت.
أبرز المرشحين
وبحسب الخبراء فإن عدداً من المرشحين يتصدرون المشهد أبرزهم، قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي يحظى بدعم واسع من قوى سياسية ترى فيه شخصية قادرة على تعزيز الاستقرار ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية.
وأيضاً جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، الذي يتمتع بخبرة اقتصادية وعلاقات دولية قوية مع المؤسسات الاقتصادية والمانحة، ما يجعله خيارًا مناسبًا للتعامل مع الأزمات المالية وإعادة الإعمار.
بالإضافة إلى سليمان فرنجية، رئيس تيار المردة، المعروف بعلاقاته الواسعة مع الدول العربية والغربية، فضلًا عن ارتباطاته الإقليمية مع إيران وسوريا وروسيا.
وفي وقت سابق، دعا رئيس البرلمان نبيه بري، إلى الإسراع في انتخاب رئيس يمثل الوحدة الوطنية، مشددًا على أهمية التعامل مع المرحلة الراهنة بعقلانية ومسؤولية لإنهاء الانقسام السياسي، وفتح صفحة جديدة تركز على بناء مستقبل أفضل للبنان.
تعطيل انتخاب الرئيس
وأكد المحلل السياسي اللبناني، شاكر داموني، أن وقف إطلاق النار سيدفع الداخل اللبناني إلى تسريع إنجاز ملف الفراغ الرئاسي، خصوصًا مع زوال الحجج أو محاولات العرقلة التي كانت تقوم بها بعض القوى السياسية لتعطيل انتخاب الرئيس.
وأشار داموني إلى أن أحد العوامل المساهمة في هذا التسريع هو تغيير موقف رئيس مجلس النواب، نبيه بري الذي كان في السابق يعرقل خطوات انتخاب رئيس الجمهورية، بسبب حسابات سياسية تتعلق بحلفائه، في إشارة إلى "حزب الله"، ولكنه الآن بات يشدد على ضرورة الإسراع في انتخاب الرئيس.
وأوضح داموني، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن هناك ضغطًا دوليًا وعربيًا يدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للبنان، حيث إن استمرار الفراغ الرئاسي يعطل المؤسسات ويترك البلاد في حالة شلل سياسي دائم، ما يؤدي إلى فقدان ثقة المجتمع الدولي وتآكل أدوات السيادة.
وأضاف أن أحد أسباب إطالة أمد الحرب الأخيرة كان غياب رئيس للجمهورية يمثل الدولة اللبنانية ويتفاوض باسمها، مشيرًا إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أو رئيس مجلس النواب نبيه بري ليست لديهما الصلاحيات الدستورية أو القانونية للتفاوض على اتفاقات بهذا الحجم.
وتابع داموني أن تسريع الانتخاب يعتمد على توافق القوى السياسية بشأن الأسماء المطروحة، والتي ستسهم في تقصير مدة الفراغ الرئاسي، لا سيما مع وجود ضغوط من الداخل والخارج لإنجاز هذا الملف.
وأكد أن التحدي الأكبر أمام رئيس مجلس النواب هو ضمان حضور أحد الكتلتين المارونيتين في البرلمان، بقيادة جبران باسيل أو سمير جعجع، حتى لا يُقال إن الموارنة لم يشاركوا في عملية انتخاب الرئيس، خاصة أن المنصب يُخصص تقليديًا للطائفة المارونية.
استغلال وقف إطلاق النار
ويرى المحلل السياسي اللبناني سامر عراوي أن غالبية القوى السياسية تسعى لاستغلال وقف إطلاق النار لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقت ممكن.
وأضاف عراوي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن كل تيار يعمل على تهيئة الطريق لمرشحه المفضل الذي يعبر عن مصالحه ورؤيته السياسية، إلا أن الرئيس المقبل، أيًا كان، لن يتمكن من العمل لصالح تيار محدد، بل سيكون ملزمًا بإعادة بناء الدولة وتعزيز سيادتها، والخروج من حالة الدمار التي أصابت البلاد.
وأكد عراوي أن وقف إطلاق النار أتاح فرصة لتسريع انتخاب الرئيس، متوقعًا أن تكون جلسات البرلمان في حالة انعقاد دائم حتى يُنتخب رئيس جديد.
وختم المحلل السياسي أن النصاب هذه المرة قد ينخفض إلى 65 صوتًا بدلًا من 85، في ظل تغير مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان سابقًا يعطل انتخاب الرئيس لأسباب سياسية.