الصين: مستعدون للقيام بدور بناء لإنهاء حرب أوكرانيا
أشار خبراء إلى مؤشرات على تراجع حدة التوتر بين فرنسا والجزائر، بعد 6 أشهر من التصعيد غير المسبوق بين البلدين، موضحين أن لغة الخطاب بين البلدين بدأت تشهد مرونة، ما قد يمهد الطريق لتهدئة تدريجية للعلاقات المتوترة بينهما،
وشهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر، واحدة من أخطر الأزمات الدبلوماسية منذ استقلال الجزائر عام 1962، حيث تفاقمت التوترات بسبب سلسلة من القضايا السياسية والقضائية، من بينها اعتقالات طالت شخصيات مؤثرة ومثقفين، ما عمّق الخلافات بين البلدين.
وأحد أبرز الملفات التي زادت من حدة التوتر كان قرار السلطات الفرنسية ترحيل المؤثر الجزائري المعروف باسم "دوالمن"، واسمه الحقيقي بوعلام نعمان، والذي أثار جدلًا واسعًا بعد نشره مقطع فيديو يدعو فيه إلى "معاقبة" أحد المعارضين الجزائريين.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رغبة واضحة في خفض التصعيد، مشيرًا إلى أنه يحتفظ بعلاقة خاصة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وهذه الإشارة الدبلوماسية قد تعكس رغبة الجزائر في فتح باب الحوار مع باريس بعد أشهر من الجمود.
وقال المحلل في مركز الأبحاث السياسي بباريس برونو كوتريه، إن "التوتر بين فرنسا والجزائر ليس مجرد أزمة دبلوماسية عابرة، بل يعكس تحولات عميقة في العلاقة بين البلدين".
وذكر كوتريه لـ"إرم نيوز"، أن "الجزائر تسعى إلى فرض نفسها كشريك ندّي لفرنسا، بدلًا من لعب دور التابع كما في العقود الماضية".
وأضاف: "ما نراه الآن هو صراع على النفوذ، حيث تريد الجزائر إعادة تعريف علاقتها بفرنسا بشروط جديدة، وهذا يظهر في خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي يحاول الموازنة بين التهدئة والحفاظ على استقلالية القرار الجزائري".
واعتبر كوتريه، أن "ماكرون يدرك أهمية الجزائر كشريك في ملفات الهجرة والطاقة والأمن في منطقة الساحل، لذا فإن أي تهدئة بين البلدين ستكون محكومة بالمصالح الاستراتيجية أكثر من كونها مصالحة عاطفية".
بدروه، قال الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس جان بيير فيليو، إن "الأزمة الحالية قد تكون فرصة لإعادة ضبط العلاقات بين البلدين، لكن بشرط أن تترافق مع خطوات ملموسة، وليس مجرد تصريحات دبلوماسية".
وأوضح فيليو لـ"إرم نيوز"، أن "التاريخ يثبت أن العلاقات بين فرنسا والجزائر كانت دائمًا متقلبة، حيث تشهد فترات تقارب يعقبها توتر حاد. لكن هذه المرة، يبدو أن الطرفين يدركان أن استمرار الأزمة قد يكون مكلفًا لكليهما، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية والدولية".
وأضاف أن "الجزائر رغم مواقفها الصارمة، لا تستطيع تجاهل الحاجة إلى التعاون الاقتصادي والأمني مع باريس، في حين أن فرنسا تدرك أن تعزيز العلاقات مع الجزائر ضروري للحفاظ على نفوذها في شمال إفريقيا ومواجهة التحديات الأمنية في الساحل".
ورفض القضاء الفرنسي، الثلاثاء، طلبًا بتعليق قرار ترحيل "دوالمن" إلى الجزائر، معتبرًا أن الشروط القانونية لاتخاذ هذا القرار "لم تكتمل".
وكان المؤثر الجزائري، الذي يتابعه حوالي 140 ألف شخص على تيك توك، قد اعتُقل في منطقة هيرو بفرنسا في 20 مارس/آذار استعدادًا لترحيله.
وجاء في بيان صادر عن المحكمة الإدارية في باريس، أن "الإجراءات القانونية الخاصة بتعليق قرار الترحيل لم تستوفِ الشروط المطلوبة"، مشيرة إلى أن القرار اتُخذ بموافقة وزارة الداخلية الفرنسية وبعد توصية إيجابية من لجنة الترحيل.
ورغم أن "دوالمن" عاش في فرنسا لأكثر من 20 عامًا بوضع غير قانوني، ثم 15 عامًا بصفة قانونية، إلا أن القاضي رأى أنه "لم يقدم أدلة كافية على امتلاكه روابط عائلية قوية مع أبنائه أو أحفاده، أو اندماجًا مهنيًا طويل الأمد في المجتمع الفرنسي"، ما جعل قرار ترحيله قائمًا.