صفارات الإنذار تدوي في سديروت وزيكيم ومناطق أخرى بغلاف غزة الشمالي
مع تصاعد الجدل حول مصير الميليشيات المسلحة في العراق، تبرز تساؤلات عن مدى جدية الحكومة في دمج هذه المجموعات داخل المؤسسة الأمنية الرسمية أو سحب سلاحها بالكامل.
وتواجه الحكومة العراقية منذ أشهر ضغوطاً دولية متزايدة، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة، لدفعها نحو معالجة ملف الميليشيات المسلحة التي تنشط خارج سيطرة الدولة.
وتأتي هذه الضغوط في ظل تصاعد توترات الشرق الأوسط، وتحذيرات من أن استمرار وجود جماعات مسلحة موازية قد يعرّض العراق لعزلة دولية أو يهدد أمنه الداخلي.
ومطلع العام الحالي، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن "العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة القوية في البلاد، التي حاربت القوات الأمريكية وأطلقت الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل، بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية".
وأضاف حينها، أن "العديد من الزعماء السياسيين والأحزاب بدأوا بالفعل في إثارة هذا النقاش، وهناك أمل بإقناع قادة الجماعات المسلحة بإلقاء السلاح والانضمام إلى القوات المسلحة تحت مسؤولية الحكومة".
لكن بغداد لم تكشف حتى الآن عن طبيعة المناقشات الجارية بشأن ملف الفصائل المسلحة، ولا عن تركيبة اللجان المشكّلة وآلية عملها أو الجهات التي تتولى إدارتها، ما أثار تساؤلات حول جدية الحكومة في إحراز تقدم حقيقي في هذا الملف.
التوافقات السياسية
بدوره، قال الباحث والأكاديمي خالد الغريباوي إن "تعامل الحكومة العراقية مع ملف الفصائل المسلحة يعكس مزيجًا من الجدية والاعتبارات السياسية المعقدة، فمن جهة، هناك مؤشرات على رغبة الحكومة في تنظيم هذا الملف ضمن إطار الدولة، لكن من جهة أخرى، فإن التقدم في هذا الملف يواجه تحديات كبيرة، منها تباين المواقف داخل الحكومة والبرلمان، فضلاً عن تعقيدات المشهد السياسي والأمني".
وأضاف الغريباوي لـ"إرم نيوز" أن "العقل الجمعي داخل المؤسسات الحاكمة يبدو منقسمًا بين من يرى ضرورة دمج بعض الفصائل ضمن الأجهزة الأمنية لضمان الاستقرار، ومن يعتبر هذه الفصائل جزءًا من التوازنات السياسية والأمنية القائمة، ما يدفع إلى التماهي مع وجودها الحالي، وبالتالي، فإن قدرة الحكومة على إحراز تقدم فعلي في هذا الملف ستظل مرتبطة بمستوى التوافق السياسي".
وتسعى بغداد إلى تحقيق تقدم، ولو محدودًا، في ملف الميليشيات المسلحة، بهدف طمأنة المجتمع الدولي وإظهار جدية الحكومة في التعامل مع هذا الملف الحساس، الذي يُعد من أبرز العقبات أمام استقرار البلاد، خصوصًا بعد الهجوم الأمريكي الأخير على ميليشيا الحوثيين.
ملف ضاغط
وأصبح ملف الميليشيات المسلحة يشكل عبئًا متزايدًا على الحكومة العراقية، وسط تصاعد الضغوط الشعبية المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، إلى جانب الضغوط الدولية التي تراقب عن كثب أي تحرك في هذا الاتجاه.
بدوره، أكد النائب في البرلمان العراقي، سجاد سالم، ضرورة حل الميليشيات المسلحة بالكامل، ودمج "الحشد الشعبي" ضمن الجيش الوطني، إلى جانب اتخاذ إجراءات صارمة ضد بعض الشخصيات السياسية. وحذّر سالم في مقابلة متلفزة، من "عقوبات دولية واضحة قد تُفرض على العراق بعد شهر مايو/ أيار المقبل".
"تدجين المجتمع"
بدوره، قال الخبير الاستراتيجي، علاء النشوع، إن "الميليشيات المسلحة تداخلت بشكل كبير في مفاصل العمل السياسي والأمني، وأصبحت جزءًا من المنتظم الذي يحرّك العملية السياسية في العراق، ضمن رؤية مدروسة تهدف إلى تدجين المجتمع على القبول بوجودها كأمر واقع، وليس كقوة خارجة عن إطار الدولة".
وأضاف النشوع، في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الحديث عن قدرة الحكومة العراقية على معالجة نشاط هذه الميليشيات والسيطرة عليها غير واقعي، كونها تمتلك مقدرات عسكرية وأمنية وسياسية تتفوّق على إمكانات الأجهزة الرسمية، فضلًا عن أن بعض تلك الميليشيات تسيطر فعليًا على مفاصل أمنية وعسكرية داخل الدولة، وتملك نفوذًا سياسيًا واسعًا من خلال مشاركتها في الإطار التنسيقي الحاكم".
ويُقدَّر عدد الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في العراق بأكثر من 67 ميليشيا، تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري واقتصادي وإعلامي واسع.
وهذه الميليشيات، التي تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، تُشكِّل تحديًا كبيرًا للأمن والاستقرار الداخلي، حيث تورطت في عمليات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة استهدفت الولايات المتحدة وإسرائيل، ووجّهت تهديدات مباشرة لبعض دول الجوار.