تمكن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من دفع الفصائل المنخرطة تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق" إلى إيقاف هجماتها على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، فضلاً عن استهداف إسرائيل بالطائرات المسيرة، وفق مصدر مقرب من مكتب السوداني.
وقال المصدر ، لـ"إرم نيوز"، إن "الشغل الشاغل لرئيس الوزراء اليوم بات يتجسد في كيفية التناغم مع التوجهات الأمريكية والدولية الجديدة الرامية إلى وضع حل جذري للفصائل والميليشيات العراقية، ولا سيما العابرة للحدود والتي قد انخرطت في عمليات عسكرية تتعارض مع توجهات الدولة وقراراتها بالحياد".
وأضاف، أن "أحد أهم الملفات التي حملها السوداني، إلى طهران تتمثل في عملية إيجاد حلول متوازنة للفصائل، لتجنيب العراق مأساة حرب وهجمات صاروخية مدمرة، قد تؤدي إلى حرب داخلية كارثية".
وأكد، المصدر، أن "السوداني، وضع إصدار تعليمات صارمة للقوات الأمنية والأجهزة الاستخبارية بالرد على أي جهة تحاول إطلاق الطائرات المسيرة أو الصواريخ تجاه أهداف خارجية، فضلاً عن تحذيره الفصائل بشكل مباشر من عقاب شديد إذا أقدمت على تلك الأفعال".
ويقف العراق على مفترق طرق يكاد يضرب النظام السياسي برمته، بعد رسائل دولية عديدة طالبت حكومته بوقف هجمات الفصائل والميليشيات المسلحة على إسرائيل والمصالح الأمريكية في المنطقة.
ويأتي حراك رئيس الحكومة العراقية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأمريكية والدولية على الفصائل المسلحة في العراق لتسليم سلاحها وتفكيكها، وإنهاء ملفها بشكل نهائي، وصولاً إلى حصر السلاح بيد الدولة لا غير.
وأكد السوداني، مراراً، خلال الأيام القليلة الماضية ضرورة استقلالية القرار الأمني وقرارات الحرب والسلم وحصرها بيد الدولة، داعياً إلى نزع سلاح الميليشيات، الموقف الذي تناغم معه، الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، الذي وصف الفصائل العاملة خارج نطاق الدولة بـ "العصابات المنفلتة".
وتعكس مساعي رئيس الوزراء، بوقف التصعيد ضد إسرائيل والمصالح الأمريكية أبعاداً سياسية وأمنية عديدة، بحسب المحلل السياسي، علي الجشعمي.
وقال لـ "إرم نيوز"، إن "الأمن الداخلي بات مرتبطاً بشكل وثيق بالتأثيرات الخارجية للمنطقة، حيث إن البلاد تعاني تحديات أمنية وسياسية كبيرة، وأي عملية تصعيد ضد القواعد الأمريكية أو إسرائيل قد تؤدي إلى ردود فعل قوية؛ ما يزيد التوتر الداخلي ويهدد استقرار البلاد".
وأضاف، الجشعمي، أن "مطالبة السوداني الفصائل بعدم استهداف الجهات الخارجية، خطوة أولى لمحاولة طمأنة المجتمع الدولي بأن الحكومة العراقية تسعى للحد من الأنشطة التي قد تثير التوترات وتزيد حالة عدم الاستقرار في المنطقة، خصوصاً مع التغييرات الجذرية في سوريا بُعيد سقوط نظام الأسد".
كان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، كشف، في تصريحات سابقة له، عن إقناع رئيس الحكومة قادة الفصائل المسلحة بالعمل وفق خطة الحكومة لمواجهة شرارة الحرب في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد، حسين، أن "قادة الفصائل ملتزمون بالاتفاق مع رئيس الحكومة وأنهم ليسوا بصدد خلق حالة قد تؤدي إلى الحرب على البلاد".
وتعمل الحكومة العراقية وفق حراك معقد، بهدف تحقيق توازن دقيق بين مصالحها الوطنية والضغوط الإقليمية والدولية، حيث تشهد المنطقة توترات متزايدة، وأي تصعيد قد يضع العراق في "مواجهة مباشرة مع الأطراف الدولية؛ ما قد يؤثر في سيادته وعلاقاته الدبلوماسية، وأمنه الداخلي، بحسب الخبير الإستراتيجي، كامل الدين هورامي.
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة العراقية تواجه ضغوطاً من الفصائل المسلحة المحلية ومن المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة. ومطالبة السوداني للفصائل بوقف عملياتها محاولة منه للتوفيق بين هذه الضغوط".
وتابع هورامي، أن "تأكيد الحكومة ضرورة وقف التصعيد قد يُفسر على أنه محاولة لاستعادة السيطرة على الفصائل المسلحة وضمان أن قرارات الأمن والسياسة الخارجية تُتخذ من قبل الدولة، وليس من قبل جهات غير حكومية، وهذا ما يعزز موقف العراق بين المجتمع الدولي فيما يتعلق بسيادة الموقف وقرارات الحرب والسلم".