وزارة الدفاع التايوانية: رصد 36 طائرة عسكرية صينية في محيط الجزيرة
تتجه الأنظار في العراق هذه الأيام إلى محافظة النجف، حيث مقر المرجع الديني علي السيستاني، في انتظار ما إذا كان سيصدر فتوى بشأن حل فصائل الحشد الشعبي.
تأتي هذه التساؤلات في وقت يتزايد فيه الحديث عن مصير الفصائل المسلحة في العراق وسط التطورات الإقليمية المتسارعة، خاصة مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وانهيار حزب الله في لبنان، وتراجع نفوذ حركة حماس في قطاع غزة.
هذه المتغيرات الإقليمية أثارت تساؤلات حول مصير هذه الفصائل، وما إذا كانت ستواجه مصيرًا مشابهًا لتلك الجماعات في ظل هذه التحولات.
وكشفت مصادر عراقية ومحللون سياسيون عن وجود طلبات تلقتها المرجعية الدينية في النجف، تطالب بإصدار فتوى مشابهة لتلك التي أصدرها السيستاني في العام 2014 والتي كانت تهدف إلى حشد الدعم لمواجهة تنظيم داعش، وتضمنت الدعوة لتشكيل الحشد الشعبي.
هذه الطلبات تتزايد خاصة من الأمم المتحدة والدول الأوروبية، التي تواصل الضغط على الحكومة العراقية عبر زيارات لممثليها في العراق، أو رسائل توصل عبر أطراف مختلفة.
بدوره، قال رجل دين مقرب من أجواء حوزة النجف، لـ"إرم نيوز" إن إصدار فتوى لحل الحشد الشعبي في الصيغة المتداولة حاليًا يعد أمرًا مستبعدًا.
وأضاف أن "تشكيل الحشد الشعبي في الأساس لم يكن بناءً على فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها السيستاني، بل كان جهدًا تطوعيًا ضمن صفوف المؤسسة الأمنية، لكن تم تجاوز هذه المحددات فيما بعد لتشكيل جماعات مسلحة جديدة، وتضخيم فصائل كانت موجودة سابقًا".
وأوضح أن "المرجعية الدينية قد تصدر طلبًا بدمج هذه الفصائل ضمن الجيش العراقي بشكل تدريجي، خاصة إذا استشعرت الحكومة العراقية خطرًا على منتسبي الحشد من استهدافات خارجية، مثل الهجمات الإسرائيلية أو الأمريكية، وذلك من أجل تجنب إراقة الدماء".
وأشار رجل الدين إلى أن "المرجعية الدينية في النجف كانت قد أصدرت إشارات واضحة بضرورة إنهاء السلاح خارج الأطر الرسمية، كما توقع أن يتوجه المسؤولون العراقيون بطلب للمرجعية في هذا السياق، خاصة إذا شعرت الحكومة بوجود تهديد حقيقي على الحشد الشعبي".
ووفق مراقبين، يبدو أن المرجع الديني علي السيستاني لم يكن موافقًا على تأسيس هيئة الحشد الشعبي بصيغتها الحالية.
ففي العام 2020، أمر السيستاني بتوجيه أربعة تشكيلات عسكرية أسست على يد مقربين منه للاندماج في صفوف الجيش العراقي، وقطع صلاتها بهيئة الحشد الشعبي، التي تعتبر الإطار الجامع للفصائل المسلحة.
هذا الموقف عُدّ بمثابة إشارة من السيستاني إلى أن هدف فتوى "الجهاد الكفائي" كان محصورًا في محاربة تنظيم داعش فقط، دون منح غطاء دائم لتشكيل جماعات مسلحة خارج إطار الدولة العراقية.
سعت الحكومة العراقية خلال الأشهر الماضية إلى تجنيب البلاد تداعيات الصراعات المتفاقمة في غزة ولبنان وسوريا، وتمكنت حتى الآن من تجنب دخول البلاد في هذه النزاعات.
ومع ذلك، فإن العديد من الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي لم تلتزم بتعليمات الحكومة، واستمرت في ممارساتها العسكرية ضد قواعد التحالف الدولي في العراق، وكذلك في تنفيذ هجمات على إسرائيل انطلاقًا من الأراضي العراقية.
هذه الممارسات أثارت قلقًا لدى الحكومة العراقية، خاصة في ظل الضغوط الإقليمية والدولية التي تتعرض لها.
ورغم المطالب المتكررة من قبل بعض الأطراف المحلية والدولية لحل أو دمج الميليشيات العراقية ضمن المؤسسة الأمنية الرسمية، فإن هذه الفصائل لم تحرز تقدمًا ملموسًا في هذا الاتجاه.
وعلى الرغم من موافقة بعض الجهات غير المؤثرة على هذا الحل، فإن الخطوات العملية لم تُنفذ بعد؛ ما يفتح المجال أمام العديد من السيناريوهات المستقبلية.
وفي هذا السياق، يصبح الملف أكثر تعقيدًا مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، منصبه وما قد تحمله سياساته من تطورات تجاه الملف العراقي.
في وقت سابق، حذر إبراهيم الصميدعي، مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من أن عدم استجابة الفصائل المسلحة لمطالب حل تشكيلاتها ودمجها في الوضع السياسي قد يؤدي إلى فرض هذا الأمر بالقوة من الخارج.
وأكد الصميدعي أن هناك ضغوطًا واضحة من الولايات المتحدة والدول الغربية على الحكومة العراقية، مشيرًا إلى أن عدم الاستجابة لهذه الضغوط قد يؤدي إلى استهداف مواقع حيوية داخل العراق.
من جانبه، يرى الباحث السياسي محمد التميمي أن المرجعية الدينية في النجف تسعى للحفاظ على استقلاليتها، وتجنب الانخراط المباشر في قضية الحشد الشعبي، خاصة أنها أكدت سابقًا على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
وأضاف التميمي لـ"إرم نيوز" أن "المرجعية قد تجد نفسها في مأزق إذا قررت إصدار فتوى بحل الحشد الشعبي؛ نظرًا لأن العديد من الميليشيات المسلحة تتبع مرجعية الولي الفقيه في إيران، علي خامنئي؛ ما قد يؤدي إلى تضاد مرجعي واضح بين النجف وطهران".