يعود إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب، اللذان عملا معًا بين عامي 2017 و2020، إلى الظهور في سياق دولي حساس، حيث يدخل الرئيس الفرنسي في النصف الثاني من ولايته الثانية، بينما يبدأ ترامب فترة رئاسية جديدة بعد إعادة انتخابه.
ووفقا لتقرير صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تأتي هذه العودة في وقت عصيب، مع وجود ملفات حاسمة تنتظر معالجة، أبرزها الحرب في أوكرانيا والتوترات التجارية.
وأكدت الصحيفة، أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تشكل تحديًا لماكرون، الذي عبّر سريعًا عن رغبته في إعادة بناء العلاقة.
وبمجرد إعلان فوز ترامب، هنأ الرئيس الفرنسي نظيره الأمريكي، معربًا عن استعداده "للعمل معًا كما فعلنا خلال 4 سنوات" وفق قوله.
ووفقًا لمستشاري ماكرون، تهدف هذه التصريحات إلى استئناف الحوار بشكل سريع، من أجل تنسيق المواقف الأوروبية، خصوصًا مع ألمانيا من خلال مستشارها أولاف شولتس.
ودعا ماكرون، في وقت تعاني فيه أوروبا من ضعف داخلي، إلى "صحوة إستراتيجية أوروبية"، لتجنب الوقوع في"قومية ضيقة".
ولفت التقرير، إلى أن انتخاب ترامب جاء في وقت يسعى فيه ماكرون، إلى تعزيز الاستقلال الإستراتيجي لأوروبا، في مواجهة الضغوط الخارجية، خصوصًا تلك القادمة من الولايات المتحدة والصين.
ويعبر بعض المراقبين مثل النائب برونو فوش، عن شكوكهم في قدرة أوروبا على التصرف بشكل موحد.
وكانت العلاقات بين ماكرون وترامب مليئة بالتوترات، وعلى الرغم من أن ماكرون حافظ على الحوار المفتوح، إلا أن هناك العديد من الاحتكاكات، مثل قرار ترامب الأحادي بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ أو فرض رسوم جمركية على بعض المنتجات الأوروبية.
ومن جانبه، يشير جيرار ارود، السفير الفرنسي السابق في الولايات المتحدة، إلى أن "العلاقة الشخصية أساسية"مع ترامب، وأنه من المهم الحفاظ على قناة تواصل مباشرة حتى في الأوقات التي تتصاعد فيها التوترات.
وعلى الصعيد الدولي تتراكم التحديات، ففي أوكرانيا تخشى أوروبا من أن يتفاوض ترامب مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون استشارة حلفائه الأوروبيين، وفق تقرير الصحيفة.
وعلى الصعيد التجاري من المحتمل أن يعيد ترامب إشعال حرب تعريفية ضد أوروبا، خاصة في سياق إستراتيجيته للضغط على الصين.
وكان ترامب خاض حربا تعريفية ضد أوروبا، تمثلت بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الأوروبية، وهي سياسة تجارية حمائية، كان الرئيس الجمهوري قد اتبعها خلال ولايته الأولى، بهدف تقليل العجز التجاري الأمريكي، وتحفيز الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة من خلال جعل السلع المستوردة أغلى.
ومن جهته، قال برونو فوش، النائب في البرلمان الفرنسي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، "قد تصبح أوروبا ورقة مساومة في هذه الديناميكية".
وعلى الرغم من أن ماكرون يعاني من ضعف داخلي، إلا أنه لا يزال يمتلك بعض الهامش الدبلوماسي، ولكن هذا الهامش يبدو محدودًا في مواجهة أولويات ترامب، وفقا للتقرير الذي خلص إلى القول إنه "بينما تكافح أوروبا، لجعل صوتها مسموعًا في واشنطن، سيتعين على ماكرون أن "يُبحر" بحذر للدفاع عن مصالح القارة العجوز.