إعلام حوثي: الطيران الأمريكي يستهدف بغارتين شمال محافظة عمران
في إطار التحركات الأمريكية للتأثير على مواقف الصين بخصوص تدخل كوريا الشمالية إلى جانب روسيا في النزاع الأوكراني، لجأت واشنطن إلى بكين في محاولة للتوسط والحد من مشاركة جنود كوريا الشمالية في دعم موسكو.
تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد نفوذ بكين عالميًا وتبنيها لمبادرات تسعى لوقف إطلاق النار وتسوية النزاع الأوكراني-الروسي، بينما تفضل الولايات المتحدة استمرار الصراع في محاولة لاحتواء النفوذ الروسي.
وفي بداية هذا العام، أطلقت بكين، بالتعاون مع البرازيل، مبادرة "السلام الصينية البرازيلية"، في مسعى لتنظيم مؤتمر دولي للسلام يعترف به طرفا النزاع، حيث يتم إشراك كافة الأطراف بشكل متساوٍ.
لكن هذه المبادرة قوبلت برفض أوكراني، إذ وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المبادرة بأنها تفتقر إلى احترام سيادة أوكرانيا، وطالب بأن تُظهر روسيا خطوات ملموسة نحو إنهاء الحرب.
في الوقت نفسه، أبدت الولايات المتحدة مخاوفها من تقارير تفيد بمشاركة قوات كورية شمالية إلى جانب روسيا، ودعت الصين لاستخدام نفوذها على روسيا وكوريا الشمالية لمنع التصعيد.
وفي هذا السياق، صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن بلاده تأمل أن تضغط الصين للحد من هذه الأنشطة.
ورد المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، ليو بينجيو، بأن موقف الصين من الأزمة الأوكرانية "ثابت وواضح" ويسعى لتحقيق السلام عبر التفاوض.
ورغم التوترات، يرى محللون أن واشنطن قد لا تتمكن من إقناع الصين بالضغط على كوريا الشمالية بفعالية.
ويشير الخبير في الشؤون الروسية الدكتور رامي القليوبي، إلى أن مشاركة قوات كورية شمالية داخل الأراضي الروسية يُعتبر أمرًا سياديًا، مستبعدًا أن تمنع الولايات المتحدة أو الصين هذه الخطوة.
لكنه في تصريح لـ"إرم نيوز" أوضح أن روسيا قد تتجنب نقل تلك القوات إلى أوكرانيا، حيث يمكن أن تتدخل الصين حينها.
ولفت إلى أن "واشنطن لن تنجح في منع وجود ومشاركة جنود من كوريا الشمالية في القتال لصالح روسيا خلال الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة وأن جنود كوريا الشمالية سيقاتلون لصالح روسيا في منطقة كورسك الروسية وهي أراضٍ روسية معترف بها دوليًا".
وأضاف "بالتالي فلا يمكن لأي من الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أن تمنع روسيا وكوريا الشمالية من ذلك".
وتوقع القليوبي في حديث لـ"إرم نيوز" بأن "تقوم واشنطن باختراق الصين والتأثير عليها بهدف الضغط على روسيا وكوريا الشمالية لسحب قوات الأخيرة من روسيا، خاصة وأن الصين انضمت عام 1980 إلى دورة الألعاب الأولمبية في موسكو في نفس الوقت الذي كانت تساند فيه المجاهدين الأفغان في مواجهة روسيا".
كما أن "الصين تدعم روسيا في إقامة عالم متعدد الأقطاب ولكنها لا تسلح روسيا خلال الحرب الروسية الأوكرانية ولا تدعمها بشكل مباشر".
من جانبه، يرى إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيو استراتيجي للدراسات، أن الصين قد تكون الوسيط الأنسب لتحييد كوريا الشمالية عن دعم موسكو، خاصة مع العلاقات الاستراتيجية التاريخية بينهما.
ويضيف لـ"إرم نيوز" أن الصين، رغم دعمها لمفهوم عالم متعدد الأقطاب، لا تدعم روسيا عسكريًا بشكل مباشر، وهو ما قد يدفعها للتأثير على كوريا الشمالية لتجنب إقحامها في الصراع الأوكراني.
ولفت كابان إلى أن التفاهمات الاستراتيجية بين الصين وكوريا الشمالية يمكن استغلالها من قبل الولايات المتحدة للتأثير على قرارات بيونغ يانغ بشأن دعمها العسكري لروسيا.
ويوضح كابان أن بكين تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ما يجعلها أكثر ميلاً للمحافظة على هذه العلاقات وحل المسائل العالقة التي تثير توترات دولية، مثل مشاركة كوريا الشمالية إلى جانب روسيا.
ويضيف كابان أن دور الصين في تحييد كوريا الشمالية يمكن أن يحقق مكاسب لبكين على عدة مستويات. فعلى الصعيد الدولي، قد يساعد ذلك في تقليل الضغوط الغربية على الصين بشأن قضايا بحر الصين الجنوبي وتايوان، ويدعم تطوير علاقات اقتصادية مع الغرب، الذي قد ينظر بعين الاعتبار إلى دور الصين في تهدئة الأزمة.
وفي هذا السياق، يرى كابان أن الصين تمتلك أدوات دبلوماسية تساعدها على لعب هذا الدور الحساس نظرًا لارتباطها بمصالح مشتركة مع روسيا من جهة، وعلاقات اقتصادية متطورة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
كما أن التأثير الصيني على كوريا الشمالية ليس فقط سياسيًا، بل أيضًا اقتصادي، حيث تعتمد كوريا الشمالية بشكل كبير على الصين في تأمين احتياجاتها من الموارد الأساسية والتبادل التجاري.
وبفضل هذه العلاقات الوثيقة، قد تتمكن الصين من استغلال هذه الروابط الاقتصادية للضغط على بيونغ يانغ للتراجع عن قرار إرسال قوات لدعم روسيا في أوكرانيا.
من ناحية أخرى، تبدو العلاقة بين الصين والولايات المتحدة أيضًا في مفترق طرق، فالصين تسعى للحفاظ على شراكاتها التجارية مع الدول الغربية بينما تدعم - إلى حد ما - موقف روسيا في النزاع الأوكراني كجزء من رغبتها في عالم متعدد الأقطاب.
وبالتالي، قد تمثل هذه الأزمة فرصة لبكين لإظهار نفسها كقوة وسيطة تستطيع تهدئة التوترات الدولية، وبالتالي تقليل المخاطر التي قد تترتب على التدخلات العسكرية من قبل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإنها تسعى لاستثمار علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الصين لممارسة ضغطٍ غير مباشر على كوريا الشمالية.
ويعني ذلك أن هناك احتمالية قوية لاستمرار المشاورات السرية والمفاوضات الدبلوماسية بين الجانبين لتهدئة التصعيد، نظرًا لأن كلا الدولتين تدركان أن مصالحهما طويلة الأمد قد تتأثر سلبًا بتفاقم النزاع.