تاس: السفير الروسي الجديد لدى أمريكا سيغادر اليوم إلى واشنطن
يعد الدعم المالي الأوروبي لأوكرانيا ركيزة أساسية لضمان استقرارها، غير أن تحديات اقتصادية وسياسية قد تواجه هذه الاستراتيجية، وفق خبراء سياسيين فرنسيين، وتثُار تساؤلات جمة حول ما إذا كانت "القارة العجوز" ملزمة، فعلاً، بدعم أوكرانيا مالياً.
ويواجه الاتحاد الأوروبي تساؤلات متزايدة حول استمراره في تقديم الدعم المالي لأوكرانيا، في ظل سياق جيوسياسي متغير، وبينما تدافع قيادات الاتحاد عن هذا التوجه، يرى خبراء سياسيون أن القرار يحمل أبعادًا أعمق تحتاج إلى تحليل دقيق.
ويرى خبير العلاقات الدولية في معهد مونتاني، فرانسوا جودمون، أن الدعم الأوروبي الموجه إلى أوكرانيا ليس مجرد التزام سياسي، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى حماية الأمن الأوروبي وتعزيز مكانة الاتحاد كلاعب جيوسياسي رئيس.
وأوضح جودمون، لـ"إرم نيوز"، أن "الاتحاد الأوروبي يدرك أن ترك أوكرانيا دون دعم كافٍ قد يؤدي إلى تداعيات كارثية، ليس فقط على كييف، ولكن أيضًا على استقرار أوروبا بالكامل".
وفي الوقت ذاته، يحذر جودمون من الإرهاق المالي الذي قد يطال دول الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل أزمات اقتصادية داخلية.
وقال: "المسألة ليست فقط دعمًا لأوكرانيا، بل هي اختبار لمدى قدرة أوروبا على تحمل أعباء النزاعات طويلة الأمد".
من جهته، قال المحلل السياسي في معهد الدراسات الأوروبية، أنطوان باساني، إن "الاتحاد الأوروبي لا يدعم أوكرانيا فقط لحماية سيادتها، بل لحماية أمنه القومي أيضًا. إذا انهارت أوكرانيا، فإن ذلك سيؤدي إلى إعادة تشكيل ميزان القوى في أوروبا لصالح روسيا".
وأضاف باساني، لـ"إرم نيوز"، أن الدعم المالي ليس مجرد مسألة مساعدات مباشرة، بل هو استثمار طويل الأمد في استقرار أوروبا، مشيرًا إلى أن بعض الدول الأوروبية تبدي تحفظات بشأن الاستمرار في التمويل بسبب المخاوف الاقتصادية.
ويرى أن أحد الحلول الممكنة هو تقاسم الأعباء المالية عبر آليات تمويل مبتكرة، مثل إصدار سندات أوروبية مخصصة لأوكرانيا، بحيث يتم توزيع التكلفة على مدى زمني طويل دون الإضرار بالميزانيات الوطنية للدول الأعضاء.
وأضاف باساني أن المساعدات المالية ليست مجرد دعم اقتصادي مباشر، بل هي "أداة ضغط سياسي وأمني" تهدف إلى إبقاء أوكرانيا ضمن الفلك الأوروبي.
ويشير إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية استدامة هذا الدعم دون إضعاف اقتصادات الدول الأوروبية.
وتابع: "إذا نظرنا إلى التجربة التاريخية، نجد أن الحروب الطويلة تفرض تحديات مالية ضخمة على الداعمين.. الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم معضلة بين الوفاء بتعهداته تجاه أوكرانيا وتجنب الدخول في أزمة مالية جديدة".
واعتبر باساني أن أحد السيناريوهات المحتملة هو تحويل جزء من المساعدات إلى استثمارات مباشرة في البنية التحتية الأوكرانية، بدلًا من تقديمها كتمويل مباشر للميزانية الأوكرانية، مما قد يحقق فوائد اقتصادية متبادلة.
بدوره، قال خبير استراتيجيات الدفاع في مركز التحليل السياسي الأوروبي (CEPA)، جان كلود تيسييه، إن المساعدات المالية الأوروبية لأوكرانيا ليست فقط دعمًا اقتصاديًا، بل جزءًا من منظومة دعم عسكري واستراتيجي.
وبيّن تيسييه، لـ"إرم نيوز"، أن الضغوط المتزايدة على كييف في ساحة المعركة تستدعي استمرار الدعم الأوروبي، خاصة مع عدم وضوح موقف واشنطن بشأن مواصلة تقديم مساعدات كبيرة لأوكرانيا.
وقال: "إذا تراجعت الولايات المتحدة عن دورها، سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه مضطرًا لتحمل مسؤولية أكبر، وهو أمر قد لا يكون ممكنًا على المدى الطويل في ظل الانقسامات الداخلية داخل الاتحاد".
وحذر تيسييه من أن روسيا قد تستغل أي تراخٍ أوروبي لزيادة ضغطها العسكري، مما قد يدفع أوروبا إلى التدخل بطريقة أكثر مباشرة، وهو سيناريو قد يكون مكلفًا للغاية سياسيًا وعسكريًا.
وفي ظل هذه التحديات، يبدو أن الاتحاد الأوروبي مطالب بإيجاد توازن دقيق بين مواصلة دعمه لأوكرانيا والحفاظ على استقراره الاقتصادي.
وبينما يشدد بعض القادة على ضرورة استمرار الدعم، يحذر الخبراء من تداعيات طويلة الأمد قد تجعل من الضروري البحث عن حلول جديدة أكثر استدامة.
فهل يستطيع الاتحاد الأوروبي إعادة هيكلة مساعداته لأوكرانيا بطريقة تضمن فاعليتها دون الإضرار باقتصاد دوله الأعضاء؟ الإجابة ستتضح خلال الأشهر المقبلة، في ظل تطورات الحرب والتغيرات في السياسات الدولية.
وفي ظل هذه التحديات، تبقى مسألة الدعم المالي لأوكرانيا محورية في الأجندة الأوروبية.
وبينما تدفع قيادات الاتحاد الأوروبي نحو استمرار المساعدات، يرى الخبراء أن هناك حاجة إلى استراتيجيات أكثر استدامة تضمن دعم كييف دون إثقال كاهل اقتصادات الدول الأوروبية.