يتوسع الحراك الذي تقوده المعارضة التركية من إسطنبول إلى أنقرة بالتحول إلى بلدات ومدن تركية أخرى، إثر اعتقال السلطات رئيس بلدية إسطنبول، المرشح المحتمل للرئاسة أكرم إمام أوغلو.
وباتت رمزية أوغلو أمام الشارع أقوى من أي اسم من الممكن أن ترشحه المعارضة لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال صدور حكم قضائي يمنعه من المنافسة.
وتشمل قائمة الأسماء السياسية التي من الممكن أن تطرح من جانب المعارضة لتكون خليفة إمام أوغلو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، والسياسي البارز في الحزب، منصور يواش.
ومع ذلك فإن أي مرشح آخر من قبل المعارضة، لا يبدو حتى الآن جديرًا برهان حقيقي مقارنة بإمام أوغلو الذي يهدد المستقبل السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويستمر التوتر في شوارع تركيا في ظل تجدد الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين خرجوا ضد الرئيس التركي، وذلك في إطار تبعات اعتقال أكرم إمام أوغلو.
وأعلنت بلدية إسطنبول أن 15 مليون ناخب شاركوا مؤخرًا في الانتخابات التمهيدية الرمزية التي نظمها حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينتمي إليه رئيس بلدية المدينة رغم توقيفه، بعد أن كان مقررًا أن تجرى هذه الانتخابات بشكل حقيقي لإعلانه مرشحًا للحزب، وذلك قبل إلقاء القبض عليه.
وقال الخبير في الشؤون التركية، كادار بيري، إن توسع الاحتجاجات بهذه الوتيرة حتى تشمل أكثر من مدينة تركية كبيرة وأيضًا بلدات مختلفة، يعطي مؤشرًا أن الأتراك عازمون على كسر شوكة الرئيس التركي أردوغان، في ظل تمسكه الدائم بتنحية كل من ينوي مواجهته في الانتخابات، على حد تعبيره.
وأوضح بيري، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن حزب الشعب الجمهوري اليوم في حاجة ملحة ليبقى أكرم إمام أوغلو مرشحه الرئاسي لأنه أصبح الشخصية الأكثر شعبية.
وأكد أن الرغبة في خوض أوغلو الانتخابات ليست فقط من قبل مؤيديه وناخبيه ولكن من قطاع واسع من الأتراك، حتى بات معظم من يعارضون أردوغان يدعمون إمام أوغلو.
وبين بيري أن البحث عن مرشح بديل لإمام أوغلو أمر مستبعد حتى اللحظة لأن التغيير يضعف وضع الحزب الانتخابي، في وقت لا يزال فيه من حق أوغلو الترشح لأنه لم يصدر بحقه حتى الآن أي حكم نهائي يمنعه من ذلك.
وتابع بيري أن المرشح المتوقع من جانب الحزب في حال صدور حكم نهائي بحق إمام أوغلو يمنعه من الترشح، هو منصور يواش، وذلك رغم أنه لا يقارن بشعبية إمام أوغلو.
وأشار إلى أنه حتى اللحظة فإن هذا الترشيح ليس ضمن مخطط حزب الشعب الجمهوري لأن تركيزهم على إمام أوغلو لكونه بات حالة شعبية خاصة بعد ما جرى من تظاهرات ضخمة مؤيدة له تطالب بكسر المخطط السياسي بحقه.
ويرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط عادل الزين، أن ذهاب حزب الشعب والمعارضة في تركيا إلى مرشح آخر في الوقت الحالي أمر صعب وغير مرجح ولا سيما بعد أن أصبحت المواجهة حقيقية وباتت تاريخية ورمزيتها في المقام الأول تتمثل في شخص إمام أوغلو.
وذكر الزين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن البحث عن تقديم بديل لن يكون إلا في حال إصدار حكم نهائي، بالإضافة إلى أن المعارضة لن تعمل على الامتثال للأمر بالبحث عن مرشح آخر بقدر التجهيز لتوجيه ضربة قوية "فاضحة" لنظام حزب العدالة والتنمية.
وأوضح أن المعارضة ستترك الساحة لأردوغان لينافس نفسه بتقديم السلطة "مرشح كارتوني"، على حد وصفه، وأن تتحول الانتخابات حينئذ لاستفتاء دون منافسة، وهو ما سيكون "وصمة وفضيحة" في حق السلطة ونظامها.
وأردف الزين أن البحث عن مرشح آخر سيكون حلًّا أخيرًا، وسيكون المؤهل حينئذ لذلك هو رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، لكن الاستمرار في التمسك بإمام أوغلو سيظل هو الرهان.
وشدد على أن أوغلو يضغط على الرئيس التركي أردوغان الذي يتخوف من منافسته، ليظل شبحًا دائمًا وضاغطًا على السلطة الحالية في تركيا وفي حال استمرارها في الحكم لما بعد 2028.
واستكمل الزين بالقول، إن الرئيس أردوغان لم يتأثر فقط على المستوى السياسي العام في تركيا، أو ما بات ظاهرًا الآن على المستوى الدولي والمواقف المتخذة من دول أوروبية على ما جرى مع إمام أوغلو، ولكن ما حدث سيضرب أيضًا بشكل مباشر في شعبية أردوغان بين مؤيديه.
وأوضح أن مناصري أردوغان يرون أن أي اتهامات أو حجج أو ما يدور عن أن إمام أوغلو يهدد أمن واستقرار تركيا هي أمور ليست حقيقية، وأن ذلك يتطلب أدلة على تهم واضحة وليس كلامًا مرسلًا، وفق قوله.