إعلام إسرائيلي: الرد على إيران سيكون في غضون أيام

logo
العالم

وسط تباين أمريكي.. ما سيناريوهات انضمام أوكرانيا إلى "الناتو"؟

وسط تباين أمريكي.. ما سيناريوهات انضمام أوكرانيا إلى "الناتو"؟
الرئيس الأوكراني ملتقيًا أمين عام الناتو مارك روتهالمصدر: منصة إكس
21 أكتوبر 2024، 12:59 م

شرعت أوكرانيا منذ العام 2008 في وضع خطة مُتكاملة للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلا أنها علقت هذه الخطط بعد انتخاب فيكتور يانوكوفيتش رئيسًا للبلاد العام 2010، والذي فضل اتباع سياسة عدم الانحياز للدول الأوروبية.

ومع أحداث فبراير/ شباط العام 2014، فرّ الرئيس الأوكراني المنتخب من البلاد، وأعلنت الحكومة آنذاك أنها لا تخطط للانضمام إلى حلف "الناتو"، تأكيدًا منها على اتباع سياسة عدم الانحياز. 

وفي خضم الحرب الروسية والانتخابات الرئاسية الأوكرانية في أكتوبر العام 2014، أصبح الانضمام لحلف "الناتو"، أولوية بالنسبة للحكومة الجديدة، ومع استحواذ القوات الروسية على شبه جزيرة القرم، بدأت تتزايد المطالب الداخلية بضرورة الانضمام لتكتل شمال الأطلسي.

وعلى وقع الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت مُجددًا في فبراير/شباط العام 2022، تجددت الآمال الأوكرانية بضرورة الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي، ومازال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي يحاول السعي لتحقيق هذا الحلم القديم.

ومنذ ذلك الوقت، لم تتمكن كييف من تنفيذ برنامج تأهيل أوكرانيا للانضمام إلى الحلف، وفقًا لما عرضته الدول الأوروبية، والذي اختلف كليةً عن البرنامج الذي طُرح في أعقاب قمة بوخارست العام 2008، إذ أجاب الرئيس الأمريكي جو بايدن آنذاك على تساؤل متى تنضم كييف لحلف الناتو، ليؤكد أنه عندما تنتهي الحرب.

اعتراضات فرنسية

وبعد إجابة الرئيس الأمريكي في سنوات سابقة، كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية في الساعات الماضية، نقلًا عن مصدر دبلوماسي أوروبي، أن الولايات المتحدة لم يعد لديها أي اعتراضات أساسية على انضمام أوكرانيا لحلف "الناتو".

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أن بايدن قد يتخذ قرارًا بشأن انضمام كييف للناتو حال فوز نائبته كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وذلك خلال الفترة الانتقالية التي تسبق تنصيبها، لكن إذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد تكون مثل هذه المبادرة خطيرة.

من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، خلال زيارته إلى كييف يوم الجمعة الماضي، إن بلاده تجري مناقشات مع شركائها في الناتو  حول إمكانية دعوة أوكرانيا إلى الانضمام للحلف على الفور، وأن ضرورة تحقيق الاتفاق على دعوة رسمية لأوكرانيا للانضمام إلى الناتو من أولويات باريس المهمة.

رفض روسي

وعن الموقف الروسي، كشف مدير القسم الثاني لبلدان رابطة الدول المستقلة بالخارجية الروسية، أليكسي بوليشوك، أن انضمام كييف المحتمل لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، سيقضي على احتمالات التسوية السياسية للصراع في أوكرانيا، ويجعل التدخل المباشر للحلف في الصراع أمرًا لا مفر منه. 

وأوضح بوليشوك أن "انضمام أوكرانيا المحتمل إلى حلف الناتو سيضع حدًا لاحتمالات التوصل إلى تسوية سياسية ودبلوماسية، ويجعل التورط المباشر للحلف في الأعمال العدائية ضد روسيا أمرًا لا مفر منه، وسيؤدي إلى تصعيد غير منضبط". 

وبين التلميحات الأمريكية بتغير موقف واشنطن، والتحذيرات الروسية من انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي، أكد خبراء أن حصول كييف على عضوية الناتو ليس قرارًا أمريكيًا فقط، وإنما قرار جماعي لدول الحلف، ويأتي متسقًا مع التبعات الجيوسياسية والتحضيرات السابقة، خاصة أن قوانين الناتو الداخلية تحول دون انضمام كييف للناتو بسبب العمليات العسكرية التي تشهدها الأراضي الأوكرانية.

ضغوط أمريكية

وتعليقًا على هذا الموقف، يقول  أستاذ العلوم السياسية الدكتور عمار قناة، إن "ما يتردد مؤخرًا حول رغبة وموافقة الرئيس الأمريكي جو بايدن على ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو حال فوز نائبته كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، يعتبر جزءًا من العملية السياسية والإعلامية التي تمارسها واشنطن لتخفيف الضغوط عليها من كييف".

ويوضح قناة لـ"إرم نيوز"، أن "انضمام أوكرانيا ليس فقط قرار أمريكي، وإنما قرار جماعي لدول الحلف، وإن كان يأتي متسقًا مع التبعات الجيوسياسية والتحضيرات السابقة".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "أول من بدأ بالحديث عن انضمام أوكرانيا للحلف العام 2007 هو الرئيس الأمريكي آنذاك، حينما وجه الدعوة لأوكرانيا وجورجيا".

واعتبر ذلك بمثابة "تحضير للمرحلة التالية ووضع أوكرانيا كمنطقة عازلة بين روسيا والمنظومة الأوروبية، وانتقالها من تلك المرحلة إلى دخول أوكرانيا ضمن الهيمنة السياسية الأمريكية والتحضير لما وصفه بإحتواء روسيا في تلك الفترة، وليس المواجهة معها". 

قوانين الناتو

ويتابع المحلل السياسي قائلًا: "السبب الرئيسي في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا هو عدم توسع حلف الناتو، والاقتراب من روسيا على هذا النحو من خلال أوكرانيا".

وأشار إلى أن "قوانين حلف الناتو ذاتها لا تضمن انضمام أوكرانيا بسبب الوضع الجغرافي والحدود والعمليات العسكرية التي تشهدها كييف، وأن توقيت إطلاق هذه التصريحات يتناسب مع الوضع الكارثي في أوكرانيا، الذي لا يوجد له أي أفق إستراتيجي من جانب النخبة السياسية هناك، فضلًا عن محاولات زيلينسكي في ابتزاز المنظومة الغربية، خاصة أوروبا، الأمر الذي تحول إلى تهديدات إما بالانضمام للناتو أو جر العالم لحرب عالمية ثالثة".

ويستبعد أستاذ العلوم السياسية أن يقوم الحزب الديمقراطي الأمريكي في المستقبل بالموافقة على مثل هذه الخطوة، التي ستجر العالم لحرب عالمية. 

إجماع دولي

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، أن "موافقة الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة بايدن أو هاريس، حال فوزها بالانتحابات الرئاسية المقبلة، على انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لا يشكل منحى جديدًا في علاقات حلف الناتو مع روسيا، وعمليًا فإن العملية العسكرية الروسية بدأت ضد نظام كييف بسبب دعوته وتقديمه طلب انضمام إلى حلف الناتو".

ويضيف المحلل السياسي، لـ"إرم نيوز"، أن "انضمام أوكرانيا إلى تجمع شمال الأطلسي الآن عملية شبه مستحيلة؛ لأن الانضمام بحاجة لإجماع تام من جميع دول الحلف، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن انضمام أوكرانيا في وضعها الحالي يعني أتوماتيكيًا دخول الحلف في حرب مباشرة مع روسيا؛ ما يؤدي إلى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تنص على أن أي دولة من دول الحلف لديها صراع مسلح مع دولة أخرى يعتبر صراع مع جميع دول الحلف، يقتضي تدخل الحلف".

ويشير أيوب إلى أن "حلف الناتو غير مستعد لأن يضع نفسه في مواجهة مباشرة مع روسيا الآن، وتبقى كل هذه الأمور والتصريحات الخاصة بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو مجرد جس نبض لردود الفعل الروسية".

وتابع: "سابقًا أحد القادة التشيكيين، وهو رئيس وزراء التشيك، قال إن بلاده لا تمانع انضمام أوكرانيا ضمن الحدود الحالية، وهذا يعني أن الأقاليم الأربعة التي سيطرت عليها روسيا لن تعود إلى أوكرانيا".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "الغرب يريد تطبيق نظرية انضمام ألمانيا للحلف على أوكرانيا، حيث قسمت  ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إلى ألمانيا الشرقية وانضمت إلى حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي، وألمانيا الغربية التي انضمت إلى حلف الناتو"، مؤكدًا أنه "لا يمكن تطبيق تلك النظرية على أوكرانيا، لا سيما أن الصراع لا يزال قائمًا، والحرب لم تنته بعد".

الأمن الروسي

ويقول أيوب إن "روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا للحلف خطرًا على الأمن القومي الروسي، بغض النظر عن الأراضي التي سيطرة عليها روسيا، ولا يمكن أن ترضى موسكو بهذا الأمر إذا لم يكن هناك اتفاق موثق بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على طبيعة هذا الانضمام، وكيفية عدم تهديده للأمن القومي الروسي".

وبخلاف ذلك، وفقًا للمحلل، فإن "حالة ضم الناتو لأوكرانيا على هذا الوضع هو تصعيد خطير ضد روسيا، قد يوسع رقعة الصراع لتشمل دولًا أخرى، واصفًا تلك الخطوة لو تحققت بـ "اللعب بالنار".

ويضيف أيوب، أن "أمين عام حلف الناتو السابق، أكد منذ فترة أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو بهذا الوضع لن يؤدي إلى نهاية الصراع مع روسيا"، في إشارة إلى الأوضاع المتوترة وتخوف دول حلف الناتو من توسع الصراع إلى أراضيها.

وأشار إلى أن "الأوضاع العسكرية تعكس تقدم القوات الروسية على جبهات القتال داخل الأراضي الأوكرانية"، لافتًا إلى أن "إعلان قبول ضم أوكرانيا لحلف الناتو محاولة للضغط النفسي والمعنوي على روسيا، التي تحرز تقدمًا كبيرًا على جبهات القتال، ما يعكس مخاوف حلف الناتو من إمكانية أن تسيطر روسيا على أكبر مساحة من أوكرانيا، وتصبح هي القادرة على فرض شروطها".

وأكد  أيوب أن "المعركة عل أرض الميدان هي التي تفرض شروط الطرف المتقدم، ومن ثم فإن روسيا قادرة على فرض شروطها وأهدافها على الناتو، في حين أن حلف الناتو وأوكرانيا ليسا في وضع اليوم يسمح لهما بفرض شروطهما، ولا يملكان سوى مواصلة استفزاز روسيا".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC