الهلال الأحمر الفلسطيني: 7 قتلى إثر غارة إسرائيلية على سيارة بدير البلح في غزة
قال خبراء اقتصاد فرنسيون إن التحدي الأكبر أمام إيمانويل ماكرون في مضاعفة ميزانية الدفاع الفرنسية بحلول عام 2030 يكمن في إيجاد التمويل اللازم دون زيادة الضرائب، كما وعد.
وأثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تساؤلات حول مصادر الأموال التي ستُخصص لهذا المشروع الضخم.
وتتراوح الفرضيات بين تقليص الإنفاق العام، والاستفادة من مدخرات الفرنسيين، وجذب المستثمرين، أو حتى اللجوء إلى الاقتراض عبر الاتحاد الأوروبي. ولكن، هل يمكن لأي من هذه الحلول أن تنجح دون تداعيات اقتصادية أو اجتماعية خطيرة؟
أعلن الرئيس الفرنسي، يوم الأربعاء، نيته رفع الإنفاق الدفاعي من 2% إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، بهدف مضاعفة ميزانية الجيش بحلول عام 2030.
هذا القرار يأتي ضمن مساعي فرنسا لتعزيز قدراتها العسكرية في ظل "التهديد الروسي"، كما وصفه ماكرون.
لكن السؤال المحوري يبقى: من أين سيأتي التمويل؟ ماكرون تعهد بعدم زيادة الضرائب، ما يضع حكومته أمام تحدٍ يتمثل في توفير عشرات المليارات من اليوروهات سنويًا دون اللجوء إلى مصادر مالية تقليدية.
يعد تقليص الإنفاق العام أحد الحلول المطروحة، لكنه يثير قلقًا واسعًا بسبب تأثيره المحتمل على القطاعات الحيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم ونظام التقاعد.
وقال هنري ستيردنياك، خبير اقتصادي في مرصد السياسات الاقتصادية بفرنسا (OFCE)، إن هذا الخيار هو "الأكثر قسوة اجتماعيًا".
وأوضح ستيردنياك لـ"إرم نيوز" أن "استغلال هذا الظرف لخفض الإنفاق العام سيؤدي إلى تكلفة اجتماعية باهظة، خاصة إذا تم رفع سن التقاعد أو تقليص ميزانية الصحة والتعليم".
ومن بين السيناريوهات المحتملة، إلغاء ربط المعاشات بمعدلات التضخم، أو حتى رفع سن التقاعد إلى 70 عامًا، على غرار ما اقترحته الدنمارك.
يمتلك الفرنسيون أحد أعلى معدلات الادخار في أوروبا، فقد بلغ معدل ادخارهم 18% في عام 2024، أي ما يعادل 300 مليار يورو سنويًا.
كما تحتوي حسابات الادخار مثل "ليفريت A" و"حساب التنمية المستدامة والتضامن" (LDDS) على قرابة 600 مليار يورو.
ويرى بعض الاقتصاديين أن الحكومة قد تسعى إلى توجيه جزء من هذه المدخرات نحو تمويل الدفاع.
ولكن، بحسب هنري ستيردنياك، فإن "استخدام أموال ليفريت A في تمويل الدفاع بدلاً من الإسكان الاجتماعي قد يضر بالفئات الأكثر هشاشة".
ولم تنج محاولات سابقة لإنشاء صندوق ادخار مخصص للدفاع، مثل "حساب ادخار الدفاع والسيادة" المقترح عام 2024، وتم التخلي عنها لاحقًا.
قد يلجأ ماكرون إلى استراتيجيات شبيهة بحملة "اختر فرنسا" (Choose France) لجذب المستثمرين نحو الصناعات الدفاعية.
وتعد فرنسا من أكبر مصدري الأسلحة عالميًا، وقد يكون نمو السوق الدفاعية فرصة مغرية للاستثمار.
لكن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، وفقًا للدبلوماسي الفرنسي جان دو جلينيستي، السفير السابق لفرنسا لدى روسيا، الذي أوضح في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "الاستثمار في الصناعات الدفاعية قد يعرّض الشركات لعقوبات دولية أو أضرار في السمعة، خاصة إذا تم استخدام الأسلحة المبيعة في نزاعات مثيرة للجدل".
يعد الاقتراض أحد الحلول السريعة والمباشرة. فقد سمحت المفوضية الأوروبية بالفعل باستثناء الإنفاق الدفاعي من قواعد العجز العام المحددة بـ3% من الناتج المحلي الإجمالي بموجب معاهدة ماستريخت.
ويؤيد هنري ستيردنياك هذا الخيار، لكنه يفضل اقتراضًا مشتركًا على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وقال: "أفضل حل هو إصدار سندات دين أوروبية مشتركة لتمويل الإنفاق الدفاعي، ما سيخفف من الضغوط على فرنسا ويمنحنا فائدة أقل (2.8% مقارنة بـ3.7% إذا اقترضت فرنسا وحدها)".
تمتلك فرنسا الترسانة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، ما يفتح بابًا لنظرية "المظلة النووية المدفوعة". لكن جان دو جلينيستي يستبعد هذا السيناريو، مشيرًا إلى أن "السلاح النووي هو مسألة سيادية بحتة، لا يمكن مشاركته أو بيعه مقابل المال.
تقدر قيمة الأصول الروسية المجمدة في أوروبا بأكثر من 200 مليار يورو، ما يدفع بعض السياسيين إلى اقتراح استخدامها في تمويل دعم أوكرانيا أو تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية.
إلا أن القانون الدولي قد يشكل عائقًا أمام هذا الطرح، فقد حذرت جهات قانونية من أن "مصادرة هذه الأصول قد تشكل سابقة خطيرة وتدفع الدول الأخرى إلى الامتناع من الاستثمار في أوروبا خوفًا من مصير مشابه."
بين الضغوط المالية والتحديات السياسية، يجد ماكرون نفسه أمام خيارات صعبة لتمويل خططه العسكرية الطموحة.
وقد يكون الحل مزيجًا من جميع الفرضيات المطروحة، لكن تبقى مسألة تقليص الإنفاق العام واللجوء إلى الاقتراض الأوروبي الأكثر احتمالًا، رغم الانتقادات التي قد تواجهها.