يحمل التصعيد الإسرائيلي في درعا رسائل أكثر مما تضمّنتها العمليات العسكرية التي نفّذتها تل أبيب على الأراضي السورية، منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد، إذ يرجّح مراقبون أن المستهدف هو العاصمة، مع عدم استبعاد مخطط إسرائيلي لخنق دمشق.
الغارات الإسرائيلية التي أكدت تل أبيب أنها استهدفت "أهدافاً عسكرية" تشمل وسائل قتالية وآليات عسكرية تابعة للنظام السوري السابق، تزامنت مع توغل قوة مشاة في الطرف الجنوبي من قرية معرية، الواقعة في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، ما يثير هواجس سورية حول النوايا الإسرائيلية الجديدة في الجنوب.
ويأتي التركيز على درعا مرتبطاً بـ "طبيعة الجبهة العسكرية هناك التي كانت نقطة ارتكاز الجيش السوري من سعسع وصولاً إلى الكسوة"، وفق الكاتب والمحلل السياسي السوي، مازن بلال، الذي يتوقع بذلك استمرار النقاش لاحقاً نتيجة التوغلات الإسرائيلية حول المناطق المنزوعة السلاح في الجولان.
وإن كان يستبعد في تصريحات لـ "إرم نيوز"، قدرة إسرائيل على "خنق دمشق" بالطريقة ذاتها التي اتبعتها سابقاً المجموعات المسلحة من حوران، فإن الكاتب مازن بلال يعتقد أن الأمر الوارد هو "العزل السياسي"، مشيراً إلى أن تل أبيب تطلب منطقة عازلة بعمق 30 كلم، لتسيطر عبرها على مثلث الحدود مع الأردن وسوريا.
وبقوله "دمشق ساقطة عسكرياً وسياسياً" على حد تعبيره، يوضح أن إسرائيل لا تتعامل مع السلطة الجديدة في سوريا على أساس دولة، مشيراً إلى أن تصريحات القادة الإسرائيليين واضحة باعتبار الحكم الجديد "فصائل إرهابية". كما ينوه بأن تل أبيب لا تريد العودة إلى مسألة "الجبهات التقليدية"، بل تريد تغيير قواعد الصراع بشكل يُنهي القرارات الدولية والقرار 242 في مقدّمتها.
وأهداف إسرائيل من هجماتها الجديدة، وفق المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، هو "تدمير القدرات العسكرية سواء تلك التي تعود إلى النظام السابق أو الجديد"، مبيّناً أن تل أبيب ترى ضرورة ألا يكون لسوريا جيش قوي، وأنها تدفع دمشق نحو "التسليم بأن الجولان سيبقى إسرائيلياً".
وإضافة إلى مرتفعات الجولان، تريد إسرائيل الاحتفاظ بالمناطق التي احتلتها بعد الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، خصوصاً القمم في جبل الشيخ وصولاً إلى القنيطرة، كما يرى غسان مسعود في تصريحات لـ "إرم نيوز"، الذي يذهب إلى أن العمليات الجديدة في درعا، لا تنفصل عن الهدف الإسرائيلي المتكرر بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا.
في المقابل، يرى يوسف أن الهجوم الذي وصفه بالخطير، ينبغي أن يدفع سوريا بالتفكير بخطة دفاعية تحمي أراضيها.